( ويثبت ) الزنى ( ببينة ) فصلت بذكر المزني بها [ ص: 430 ] وكيفية الإدخال ومكانه وزمانه ، كأشهد أنه أدخل حشفته أو قدرها حيث فقدها في فرج فلانة بمحل كذا وقت كذا على سبيل الزنا ، والأوجه وجوب التفصيل مطلقا ، ولو من عالم موافق خلافا للزركشي حيث اكتفى بزنى يوجب الحد ; لأنه قد يرى ما لا يراه الحاكم من إهمال بعض الشروط أو بعض كيفيته وقد ينسى بعضها ، وسيأتي في الشهادات أنها أربع لقوله تعالى { فاستشهدوا عليهن أربعة منكم } وما ذهب إليه جمع من أنه لو شهد أربعة بزناه بأربع نسوة لكن اقتصر كل منهم على أنه رآه يزني بواحدة منهن حد ; لأنه استفيد من مجموع الشهادات الأربع ثبوت زناه بأربعة قد ينازع فيه بأن كلا شهد بزنا غير ما شهد به الآخر فلم يثبت بهم موجب الحد بل يحد كل منهم ; لأنه قاذف ( أو إقرار ) حقيقي مفصل نظير ما تقرر في الشهادات ولو بإشارة أخرس إن فهمها كل أحد ; لأنه { صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا والغامدية بإقرارهما } ، وخرج بالحقيقي اليمين المردودة بعد نكول الخصم فلا يثبت بها زنا ، نعم يسقط حد القاذف ويكفي الإقرار حال كونه ( مرة ) ولا يشترط تكراره أربعا ; لأنه صلى الله عليه وسلم علق الرجم بمجرد الاعتراف في خبر { واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها } وترديده صلى الله عليه وسلم على ماعز أربعا ; لأنه شك في أمره ولذا قال : { أبك جنون } ؟ ولهذا لم يكرر إقرار الغامدية ، وعلم من كلامه في اللعان ثبوته أيضا عليها بلعانه إن لم تلاعن .
ومما يأتي في القضاء أن القاضي لا يحكم فيه بعلمه ، نعم للسيد استيفاؤه من قنه بعلمه لمصلحة تأديبه ( ولو ) ( أقر ) به ( ثم رجع ) عنه قبل الشروع في الحد أو بعده بنحو رجعت أو كذبت أو ما زنيت وإن قال بعده كذبت في رجوعي أو كنت فاخذت فظننته زنى وإن شهد حاله بكذبه فيما يظهر بخلاف ما أقررت ; لأنه مجرد تكذيب للبينة الشاهدة به ( سقط ) الحد ; لأنه صلى الله عليه وسلم عرض لماعز بالرجوع فلولا أنه يفيد لما عرض له به ، بل قالوا له : إنه عند رجمه طلب الرد إليه فلم يسمعوه فقال : {هلا تركتموه لعله يتوب } : أي يرجع ; إذ التوبة لا تسقط الحد هنا فيتوب الله عليه ، ومن ثم سن له الرجوع : وأفهم قوله سقط : [ ص: 431 ] أي عنه بقاء الإقرار بالنسبة لغيره كحد قاذفه فلا يجب برجوعه بل يستصحب حكم إقراره فيه من عدم حده لثبوت عدم إحصانه ، ولو أقر وقامت عليه بينة بالزنى ثم رجع عمل بالبينة لا بالإقرار سواء أتقدمت عليه أم تأخرت خلافا للماوردي في اعتباره أسبقهما ; لأن البينة في حقوق الله أقوى من الإقرار عكس حقوق الآدميين ، وكالزنى في قبول الرجوع عنه كل حد له تعالى كشرب وسرقة بالنسبة للقطع ، وأفهم كلامه عدم تطرق رجوع عنه عند ثبوته بالبينة وهو كذلك .
نعم يتطرق إليه السقوط بغيره كدعوى زوجية أو ملك أمة كما يأتي وظن كونها حليلته ونحو ذلك ، ولوأسلم الذمي بعد ثبوت زناه بالبينة لم يسقط حده ، وما ذكره المصنف في الروضة عن النص من سقوطه مفرع على سقوط الحد بالتوبة والأصح خلافه .


