185  - وقال -صلى الله عليه وسلم-: " من أراد أن يسمع القرآن غضا كما أنزل فليسمعه من ابن أم عبد   " . 
ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو  ، وهذه الأخبار تلقتها العلماء بالقبول، وحكمت بصحتها فحصلت معلومة. 
وخاطر أبو بكر   -رضي الله عنه- أي: راهن قوما من أهل مكة  ، فقرأ عليهم القرآن، فقالوا: هذا من كلام صاحبك. فقال: ليس بكلامي ولا كلام صاحبي، ولكنه كلام الله تعالى، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة. 
وقال  عمر بن الخطاب   -رضي الله عنه- على المنبر: " إن هذا القرآن كلام الله   "، فهو إجماع الصحابة، وإجماع التابعين بعدهم،  [ ص: 332 ] مثل:  سعيد بن المسيب  ،  وسعيد بن جبير  ، والحسن  ،  والشعبي  وغيرهم ممن يطول ذكرهم أشاروا إلى أن كلام الله هو المتلو في المحاريب والمصاحف. 
وذكر  صالح بن أحمد بن حنبل  ، وحنبل أن أحمد   -رحمه الله- قال: جبريل  سمعه من الله تعالى، والنبي -صلى الله عليه وسلم- سمعه من جبريل  ، والصحابة سمعته من النبي -صلى الله عليه وسلم-. 
وفي قول أبي بكر   -رضي الله عنه-: ليس بكلامي، ولا كلام صاحبي، إنما هو كلام الله -تعالى- إثبات الحرف والصوت، لأنه إنما تلا عليهم القرآن بالحرف والصوت.  
 [ ص: 333 ] وقال: هو كلام الله، ولم يقل أحد إن القرآن قائم بالذات، وذلك قول يخالف قول الجماعة. 
فإن قيل: لا يمتنع أن يكون كلام جبريل  عبارة عن القرآن. 
قيل: حصول الإعجاز بلفظه ونظمه لا يحصل بكلام جبريل   . 
فإن قيل: إن الكلام إذا كان حرفا وصوتا، وعدم المخاطب به أدى ذلك إلى الهذيان، وهذا يستحيل . 
يقال: من قال هو قائم بالذات؟ يقال له: من ردد في نفسه كلاما من غير أن يريد أن يقرره في نفسه فهو موسوس، -تعالى- الله من ذلك علوا كبيرا، فلما استوى ذلك في النفس، ولم يؤد إلى الهذيان استوى أن يكون حرفا وصوتا، ولا يؤدي إلى الهذيان. 
فإن قيل: إن الحروف لا تحصل إلا بالأدوات، لأن لكل حرف منها مخرجا، ولا يجوز إضافة ذلك إلى الله. 
يقال له: قد قال الله تعالى: يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد  ، وليس للنار أدوات الحروف. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					