( الفرق الحادي عشر بين قاعدتي توالي أجزاء المشروط مع الشرط وبين توالي المسببات مع الأسباب ) بنصب المثال وتحقيق البحث في ذلك فإذا قال : إن تزوجتك فأنت طالق وأنت علي كظهر أمي فتزوجها لزمه الطلاق وبانت منه وحرمت عليه به ولزمه الظهار أيضا فإذا عقد عليها لا يطؤها حتى يكفر وإذا قال لها : أنت طالق ثلاثا وأنت علي كظهر أمي لم يلزمه الظهار لأنه قد تقدمه تحريمها بالطلاق فهو صادق في لفظ التحريم بالظهار فلا تلزمه كفارة لأن الكفارة إنما وجبت لكذبه كما تقدم أول الكتاب في الفرق بين الإنشاء والخبر ففي الصورتين تقدم التحريم ولزمه الظهار في إحدى الصورتين دون الأخرى والسر في ذلك الفرق بين قاعدتي ترتيب المشروطات مع الشروط وترتيب المسببات مع الأسباب وذلك أن القائل إذا قال : إن دخلت الدار فامرأتي طالق وعبدي حر فدخل الدار فإنه لا يمكننا أن نقول لزمه الطلاق قبل العتق ولا العتق قبل الطلاق بل وقعا مرتبين على الشرط الذي هو دخول الدار من غير ترتيب فلم يتعين تقديم أحدهما ولو قال لعبده : أنت حر ثم قال لامرأته : أنت طالق لجزمنا أنه طلق بعد العتق وأن العتق متقدم لأن تقديم سبب العتق هو قوله أنت حر اقتضى تقدم العتق لأنه مسببه فكذلك إذا قال : إن [ ص: 113 ] تزوجتك فأنت طالق وأنت علي كظهر أمي لا نقول إن الطلاق تقدم على الظهار حتى نمنعه بل الشرط اقتضاهما اقتضاء واحدا فلا ترتيب في ذلك بخلاف قوله أنت طالق ثلاثا وأنت علي كظهر أمي تقدم سبب التحريم الذي هو الطلاق الثلاث فقضينا بتقدمه على الظهار فمنعه فظهر الفرق بين ترتب أجزاء الشرط ومسببات الأسباب وإنما نظير المشروطات بشرط واحد المسببات لسبب واحد لا المسببات لأسباب عديدة كما نقول إذا قال : أنت طالق ثلاثا هذا اللفظ سبب تحريمها إلا بعد زوج وسبب لإباحة أختها ولا نقول إن أحد الحكمين متقدم على الآخر ولا بعده .


