مطلب : هل يشترط للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رجاء حصول المقصود ؟ . 
( تنبيه ) 
  : هل من شرط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رجاء حصول المقصود  أو لا ؟ على روايتين عن الإمام  أحمد  رضي الله عنه . نقل أبو الحارث  الوجوب ، ونقل  حنبل  عكسه . قال في نهاية المبتدئين : وإنما يلزم الإنكار إذا علم حصول المقصود ولم يقم به غيره ، وعنه إذا رجا حصوله ، وهو الذي ذكره ابن الجوزي  ، وقيل ينكره وإن أيس من زواله وخاف أذى أو فتنة . 
وقال في نهاية المبتدئين : إنما يجوز الإنكار فيما لا يرجى زواله وإن خاف أذى ، وقيل لا ، وقيل يجب . والذي ذكره  القاضي  في المعتمد أنه لا يجب ويخير في رفعه إلى  الإمام  خلافا لمن قال يجب رفعه . 
قال في الآداب : وإذا لم يجب الإنكار فهو أفضل من تركه ، جزم به  ابن عقيل    . قال  القاضي  خلافا لأكثرهم في قولهم ذلك قبيح ومكروه إلا في موضعين : 
( أحدهما ) : كلمة حق عند سلطان جائر . 
( والثاني ) : إظهار الإيمان عند ظهور كلمة الكفر . انتهى . 
 [ ص: 215 ] وقال الحافظ ابن رجب  في شرح الأربعين النووية : حكى  القاضي أبو يعلى  روايتين عن  الإمام أحمد  في وجوب إنكار المنكر على من يعلم أنه لا يقبل منه  ، وصحح القول بوجوبه ، وهو قول أكثر العلماء . 
وقد قيل لبعض السلف  في هذا فقال يكون لك معذرة ، وهذا كما أخبر الله عن الذين أنكروا على المعتدين في السبت أنهم قالوا لمن قال لهم { لما تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون     } قال الحافظ : وقد ورد ما يستدل به على سقوط الأمر والنهي عند عدم القبول والانتفاع به . 
ففي سنن أبي داود   وابن ماجه  والترمذي  عن  أبي ثعلبة الخشني  أنه قيل له كيف تقول في هذه الآية { عليكم أنفسكم     } فقال أما والله لقد سألت عنها رسول الله  صلى الله عليه وسلم فقال { بل ائتمروا بالمعروف وانتهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك ودع عنك أمر العوام    } . 
وفي سنن أبي داود  أيضا عن  ابن عمر  رضي الله عنهما بينما نحن حول رسول الله  صلى الله عليه وسلم إذ ذكرت الفتنة فقال { إذا رأيتم الناس مرجت عهودهم ، وخفت أماناتهم وكانوا هكذا وشبك بين أصابعه . فقمت فقلت كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك ؟ قال الزم بيتك ، واملك عليك لسانك وخذ بما تعرف ، ودع ما تنكر ، وعليك بأمر خاصة نفسك ، ودع عنك أمر العامة    } وكذلك روي عن طائفة من الصحابة في قول الله تعالى { عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم     } قالوا لم يأت تأويلها بعد ، إنما تأويلها في آخر الزمان . والله ولي الإحسان . 
إذا علمت ما ذكرت لك فعلى العالم بالحظر والفعل مع عدم القائم به غيره حيث أمن على ما مر ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					