مطلب : مثالب الحسد وأما مثالب الحسد فهي أكثر من أن تذكر .
وأشهر من أن تسطر .
ولكن ما لا يستطاع ذكر كله لا يترك بعضه .
فاعلم - رحمك الله تعالى - أن أول معصية وقعت من الخلق الحسد لما حسد إبليس آدم ، ثم حسد قابيل هابيل .
والحسد لا يكون إلا على نعمة .
ومتى أنعم الله على عبد نعمة فأحب أحد أن يكون له مثلها من غير أن تزول عن المحسود ، فذلك الحسد يسمى غبطة ولا لوم فيه ولا ذم .
وإن أحب زوالها عن المحسود فهذا الحسد المذموم ، وصاحبه الملوم الظلوم .
ثم إن هذا الحاسد تارة يحب زوالها عن المحسود ومجيئها إليه ، وهذا قبيح .
لأنه إيثار في ضمنه اعتراض .
وأقبح منه طلب زوالها عن المحسود ، وحصولها إلى غيره .
وأقبح منهما طلب زوالها مطلقا ، فهذا عدو نعم الله - تعالى .
وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { لا تباغضوا ولا تقاطعوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا } .
وفي صحيح ابن حبان { لا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد } ورواه البيهقي أيضا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا .
وأخرج أبو داود والبيهقي عن أبي هريرة أيضا رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أو قال العشب } . [ ص: 284 ] ورواه ابن ماجه والبيهقي أيضا وغيرهما من حديث أنس رضي الله عنه ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ، والصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، والصلاة نور المؤمن ، والصيام جنة من النار } .
وروى الطبراني بسند رجاله ثقات عن ضمرة بن ثعلبة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا } .
وفي حديث ضعيف { ليس مني ذو حسد } .
وروى البزار بإسناد جيد والبيهقي وغيرهما عن الزبير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء ، والبغضاء هي الحالقة ، وأما إني لا أقول تحلق الشعر ، ولكن تحلق الدين } .


