مطلب : في آداب الدعاء .
( الثالثة ) : في آداب الدعاء .
ذكر الإمام الحافظ ابن الجوزي في تبصرته للدعاء تسعة عشر أدبا :
أحدها : أن يترصد به الأوقات الشريفة .
الثاني : أن يدعو في الأحوال الشريفة .
الثالث : أن يدعو مستقبل القبلة .
الرابع : خفض الصوت في الدعاء .
الخامس : الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
السادس : أن يسبح قبل الدعاء عشرا .
السابع : أن يكون لفظ الدعاء غير متكلف بل عن حرقة واجتهاد .
فإن المشغول بتسجيع الألفاظ وترتيبها بعيد من الخشوع . نعم إن اتفق له ذلك من غير تكلف كقوله عليه الصلاة والسلام : { أعوذ بك من قلب لا يخشع . ومن عين لا تدمع } وقال ابن عباس لبعض أصحابه : إياك والسجع في الدعاء فإنهم كانوا لا يفعلون ذلك .
الثامن : أن يكون الدعاء صحيح اللفظ لتضمنه مواجهة الحق بالخطاب وقد جاء في الحديث : { لا يقبل الله دعاء ملحونا } .
التاسع : العزم في الدعاء لما في الصحيحين عن أنس مرفوعا : { إذا دعا أحدكم فليعزم ، ولا يقل : اللهم إن شئت فأعطني . فإن الله عز وجل لا مستكره له } [ ص: 515 ]
العاشر : حضور القلب لقوله صلى الله عليه وسلم : { إن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه } .
الحادي عشر : أن يسأل ما يصلح سؤاله . فإنه لو سأل مرتبة الأنبياء كان متعديا .
الثاني عشر : أن يدعو وهو موقن بالإجابة لقوله عليه الصلاة والسلام : { ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة } .
الثالث عشر : التضرع والخشوع لقوله تعالى : { يدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين } وقال : { واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة } .
الرابع عشر : أن يلح في الدعاء لقوله صلى الله عليه وسلم : { إن الله يحب الملحين في الدعاء } .
الخامس عشر : أن يأكل الحلال قبل الدعاء لما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ثم يمد يده إلى السماء : يا رب يا رب ومطعمه حرام ، وملبسه حرام ، ومشربه حرام ، وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب لذلك } .
السادس عشر : الخروج من المظالم لما في الإسرائيليات وذكره ابن دينار " أصاب بني إسرائيل بلاء فخرجوا مخرجا ، فأوحى الله عز وجل إلى نبيهم أن أخبرهم أنكم تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة ، وترفعون إلي أكفا قد سفكتم بها الدماء ، وملأتم بها بيوتكم من الحرام ، الآن اشتد غضبي عليكم ، ولن تزدادوا مني إلا بعدا " .
السابع عشر : دوام الدعاء في السراء قبل نزول الضراء .
الثامن عشر : الدعاء بالأدعية المأثورة ، فإن تعليم الشرع خير من اختيار العبد .
التاسع عشر : عدم العجلة كما مر ، انتهى .
زاد ابن الجزري : وتقديم عمل صالح والوضوء . وهذا مستفاد من قول ابن الجوزي أن يدعو في الأحوال الشريفة . والجثو على الركب [ ص: 516 ] والثناء على الله ، وتقدم أنه يندب أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أولا وآخرا ووسطا ، وبسط يديه ورفعهما حذو منكبيه وكشفهما مع تأدب واعتراف بالذنب ، ويبدأ بنفسه ولا يخصها إن كان إماما ، ولا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم ، ولا بأمر قد فرغ منه . وهذا مفهوم من قول ابن الجوزي : وأن يسأل ما يصلح ، ويمسح وجهه بيديه بعد فراغه . والله سبحانه وتعالى أعلم .


