مطلب : فيمن التزم مذهبا وخالفه بلا دليل    . 
( تنبيه ) : قال الإمام العلامة ابن مفلح  في آدابه الكبرى : من التزم مذهبا أنكر عليه مخالفته بلا دليل ولا تقليد سائغ ولا عذر . كذا ذكر في الرعاية هذه المسألة ، وذكر في موضع آخر يلزم كل مقلد أن يلتزم بمذهب معين في الأشهر ولا يقلد غير أهله ، وقيل بلى ، وقيل ضرورة . 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية  رضوان الله عليه : من التزم مذهبا معينا ثم فعل خلافه من غير تقليد ولا استدلال بدليل يقتضي خلاف ذلك ومن غير عذر شرعي يبيح له ما فعله فإنه يكون متبعا لهواه ، وعاملا بغير اجتهاد ولا تقليد ، فاعلا للمحرم بغير عذر شرعي ، وهذا منكر ، قال وقد نص الإمام  أحمد  رضي الله عنه وغيره على أنه ليس لأحد أن يعتقد الشيء واجبا أو حراما ثم يعتقده غير واجب ولا حرام بمجرد هواه  ، مثل أن يكون طالبا لشفعة الجوار فيعتقد أنها حق له ثم إذا طلبت منه شفعة الجوار اعتقد أنها  [ ص: 225 ] ليست ثابتة . 
أو مثل من يعتقد إذا كان أخا مع جد أن الإخوة تقاسم الجد فإذا صار جدا مع أخ اعتقد أن الجد لا يقاسم الإخوة . وإذا كان له عدو يفعل بعض الأمور المختلف فيها كلعب الشطرنج وحضور السماع إن هذا ينبغي أن يهجر وينكر عليه . 
فإذا فعل ذلك صديقه اعتقد أن ذلك من مسائل الاجتهاد التي لا تنكر ، فمثل هذا ممن يكون في اعتقاده حل الشيء وحرمته ، ووجوبه وسقوطه بحسب هواه مذموم مجروح خارج عن العدالة ، وقد نص  الإمام أحمد  رضي الله عنه وغيره على أن هذا لا يجوز ، وأما إذا تبين له رجحان قول على قول إما بالأدلة المفصلة إن كان يفهمها ويعلمها ، وإما بأن يرى أحد الرجلين أعلم بتلك المسألة من الآخر وهو أتقى لله فيما يقوله فيرجع عن قول إلى قول لمثل هذا ، فهذا يجوز بل يجب ، وفد نص الإمام  أحمد  على ذلك . انتهى ملخصا والله أعلم . 
وقد رفعت فتوى للإمام العلامة والقدوة الفهامة خاتمة المحققين وواسطة عقد المرجحين الشيخ علاء الدين علي بن سليمان بن أحمد بن محمد المرداوي  صاحب الإنصاف  رضي الله عنه وهي : هل للحاكم الحنبلي أن يحكم في مسألة الخلاف فيها مطلق بالصحة تارة على إحدى الروايتين  وبالبطلان أخرى على الرواية الثانية ؟ أجاب  رضي الله عنه : أما الحكم بالتشهي  فلا نعلم أحدا من أصحاب  الإمام أحمد  بل ولا من غيرهم قال به ، فإن ذلك يفضي إلى الإباحة والتحريم بالتشهي ، وهذا لا يسوغ في دين الإسلام ، وإنما قال العلماء في ذلك إذا كان مجتهدا وأداه اجتهاده إلى شيء ساغ له العمل به ، ثم إذا تغير اجتهاده عمل بالثاني . 
وأما الحكم بالتشهي فزندقة ، ولا يصح حكمه ولا توليته القضاء { ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور     } وبمثله أفتى الشبشيني  ، والله أعلم . . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					