( الرابعة ) : قال الخلال : كراهية قوله في السلام : جعلت فداك . قال بشر بن موسى سأل رجل ، وأنا أسمع لأبي عبد الله فقال جعلت فداك فقال : لا تقل هكذا فإن هذا مكروه ، قال أبو جعفر النحاس منهم من كرهه وهو قول مالك بن أنس ، واحتج بحديث يروى عن الزبير أنه قال هذا للنبي صلى الله عليه وسلم .
وأجاز بعضهم ذلك واحتج بأن غير هذا الحديث أولى منه لصحة غيره ، ثم رواه بسنده عن عبد الله بن عمرو أنه { قال للنبي صلى الله عليه وسلم جعلني الله فداك } .
وذكره أيضا عن غيره .
وقد قال حسان : [ ص: 298 ]
فإن أبي ووالدتي وعرضي لعرض محمد منكم وقاء
انتهى ، قلت : وفي هذه القصيدة :أتهجوه ولست له بكفء فشركما لخيركما فداء
وفي الصحيحين من أبي ذر أنه { قال للنبي صلى الله عليه وسلم في ليلة : جعلني الله فداك مرتين } .
وقال الخلال : قوله في السلام فداك أبي وأمي قال ابن منصور لأبي عبد الله تكره أن يقول الرجل : فداك أبي وأمي ؟ قال : أكره أن يقول : جعلني الله فداك ، ولا بأس أن يقول : فداك أبي وأمي ، وهو قول جمهور العلماء ; لأنه ليس بفداء حقيقة ، وإنما هو بر وإعلام بمحبته ومنزلته عنده .
وكرهه بعضهم ، وبعضهم خصه بالأبوين يعني الكراهة دون وأنا فداك .
والمعتمد لا كراهة إن شاء الله - تعالى - لصحة الأخبار ، وكثرتها عن المختار ، فإنها كادت تجاوز حد الحصر . والله أعلم .


