( الثانية ) : يستحب ترتيل القراءة وإعرابها وتمكين حروف المد واللين من غير تكلف . قال الإمام  أحمد  رضي الله عنه : تعجبني القراءة السهلة . وسئل  رضي الله عنه في رواية جعفر بن أحمد  إذا قام الرجل من الليل أحب إليك الترسل أو السرعة ؟ فقال أليس قد جاء بكل حرف كذا وكذا حسنة ، قالوا له في السرعة قال إذا صور الحرف بلسانه ولم يسقط من الهجاء . 
قال  [ ص: 399 ] القاضي  وظاهر هذا أنه اختار السرعة . وقد قدمنا أنه كره السرعة إذا لم يبين الحروف فلا منافاة . قال القاضي    : أقل الترتيل ترك العجلة في القرآن  عن الإبانة ومعناه أنه إذا بين ما يقرأ به فقد أتى بالترتيل وإن كان مستعجلا في قراءته ، وأكمله أن يرتل القراءة ويتوقف فيها ما لم يخرجه ذلك إلى التمديد والتمطيط ، فإذا انتهى إلى التمطيط كان ممنوعا . 
قال وقد أومأ الإمام  أحمد  إلى معنى هذا ، فقال في رواية أبي الحارث    : تعجبني قراءة القرآن السهلة ولا تعجبني هذه الألحان . 
قال شيخ الإسلام  طيب الله روحه ونور ضريحه : التفهم فيه يعني القرآن والاعتبار مع قلة القراءة أفضل من إدراجه بغير تفهم . وقال قراءة القرآن أول النهار  بعد الفجر أفضل من قراءته آخره ، وكأن ذلك  لقوله تعالى { وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا     } وقال الإمام  أحمد  رضي الله عنه : يحسن القارئ صوته بالقرآن ويقرأ بحزن وتدبر  ، وهو معنى قوله  عليه السلام { ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي يتغنى بالقرآن    } نص عليه . قال الإمام العلامة في الآداب الكبرى : قوله أذن بكسر الذال المعجمة ومعناه الاستماع . وقوله كأذنه هو بفتح الهمزة والذال وهو مصدر أذن يأذن أذنا كفرح يفرح فرحا . وفي رواية في الصحيح كإذنه بكسر الهمزة وإسكان الذال . قال القاضي عياض    : هو على هذه الرواية يعني الحث على ذلك والأمر به . انتهى . 
قلت : والذي في مطالع الأنوار تهذيب الإمام الحافظ أبي إسحاق إبراهيم بن يوسف بن إبراهيم المعروف بابن قرقول  قوله ما أذن الله كأذنه بفتح الذال في المصدر وكسرها في الماضي ، ومعناه استمع استماعه . قال ووقع في  مسلم  من رواية يحيى بن أيوب  كإذنه من الإذن يعني بالكسر وسكون الذال . 
قال والأول أولى بمعنى الحديث وأشهر في الرواية . وقد غلط  الخطابي  هذه الرواية ; لأن مقصد الحديث لا يقتضي أنه أراد الإذن والفعل ، وإذا كان بمعنى الإعلام قيل فيه أذن إيذانا . انتهى . 
وفي لفظ في الصحيحين من حديث  أبي هريرة  مرفوعا { ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به    } ومعنى أذن استمع . 
 [ ص: 400 ] وروى الإمام  أحمد   وابن ماجه   وابن حبان  في صحيحه  والحاكم   والبيهقي  عن  فضالة بن عبيد  أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال { لله أشد أذنا للرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته    } وقال  الحاكم  صحيح على شرطهما والقينة بفتح القاف وإسكان الياء المثناة تحت بعدهما نون هي الأمة المغنية والله الموفق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					