مطلب : يسمي الشارب عند كل ابتداء ويحمد عند كل قطع . 
( الثالثة ) : ذكر السامري  من أصحابنا أن الشارب يسمي الله عند كل ابتداء ويحمده عند كل قطع    ; لأنه ابتداء فعل كالأول ، وإن كان الأول آكد . 
وإنما خص هؤلاء الشارب إما لقلته فلا يشق التكرار ، وإما لأن كل مرة مأمور بها فاستحب فيها ما استحب في الأول بخلاف الأكل ، فإنه يطول فيشق التكرار 
 [ ص: 103 ] والقطع فيه أمر عادي ، وقد يقال مثله في أكل كل لقمة ، وهو ظاهر ما قدمنا عن الإمام  أحمد    . 
قال إسحاق بن إبراهيم  تعشيت مرة أنا  وأبو عبد الله  وقرابة له فجعلنا لا نتكلم ، وهو يأكل ويقول : الحمد لله ، وبسم الله ، قال : أكل وحمد خير من أكل وصمت " . قال في الآداب الكبرى : ولم أجد عن الإمام  أحمد  رضي الله عنه خلاف هذه الرواية صريحا ولم أجدها في كلام أكثر الأصحاب 
. والظاهر أن  الإمام  رضي الله عنه اتبع الأثر في ذلك كما هو عادته فقد روى  الخلال  بإسناده عن  أبي الدرداء  رضي الله عنه أنه قال لقوم أكلوا معه " يا بني لا تدعوا أن تأدموا أول طعامكم بذكر الله . أكل وحمد خير من أكل وصمت " ، وكذا قال  خالد بن معدان  التابعي الثقة الفقيه الصالح " أكل وحمد خير من أكل وصمت " ، ثم قال في الآداب : وجه الأول يعني الاكتفاء بالبسملة في الابتداء . 
والحمدلة في الانتهاء ظاهر الأخبار ، فإنه  صلى الله عليه وسلم اقتصر فيها على التسمية أولا ، والحمد أخيرا ، ولو كان يعني تكرار ذلك مع كل لقمة مستحبا لنقل عن النبي  صلى الله عليه وسلم قولا ، أو فعلا ، ولو في حديث واحد ، بل ظاهر ما نقل من حاله أنه لم يفعله ، وهو  صلى الله عليه وسلم الغاية في فعل الفضائل ، وكذلك المعروف ، والمشهور من فعل الصحابة والتابعين  رضي الله عنهم أجمعين والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					