مطلب : تمعددوا واخشوشنوا .
( تمعدد ) أي اتبع سنة معد بن عدنان في التقشف ، وعدم التنعم ( واخشوشن ) قد قدمنا ما رواه أبو عوانة في مسنده بإسناد صحيح وفيه { وتمعددوا واخشوشنوا واقطعوا الركب وانزوا وارموا الأغراض } . وذكرنا أيضا ما رواه الطبراني في المعجم عن أبي حدرد الأسلمي مرفوعا { تمعددوا واخشوشنوا } . قال في الفروع : قوله تمعددوا أمر باللبسة الخشنة المنسوبة إلى معد بن عدنان ، ومثله قوله : وعليكم بالمعدية . وقيل معنى تمعددوا أي من الغلظ ، ومنه يقال للغلام إذا شب وغلظ تمعدد . قال الهروي : ويقال تمعددوا : تشبهوا بعيش معد وكانوا أهل غلظ وقشف . وقال في القاموس :
اخشوشن وتخشن اشتدت خشونته ، أو لبس الخشن ، أو تكلم به ، أو عاش عيشا خشنا ، واخشوشن أبلغ في الكل .
وقال العلقمي : اخشوشنوا بفتح المعجمة الأولى يعني الشين وسكون الواو وبكسر الثانية أمر من الخشونة .
قال في الدر : أي كونوا كمعد بن عدنان وكانوا أهل غلظ وقشف ، وعليكم باللبسة المعدية أي خشونة اللباس .
وروى { تمعززوا واخشوشنوا } بالزاي ، أي كونوا أشد صبرا من المعز ، وهو الشدة كما في النهاية انتهى .
وكنت فيما تقدم تكلمت على قوله ( واقطعوا الركب ) من عندي ، ثم رأيت العلامة ابن قندس ذكر في حواشي الفروع وعبارته : الظاهر أن الركب جمع ركاب مثل كتاب وكتب ، والمراد - والله أعلم - أنهم يلقون ركب [ ص: 342 ] الخيل ويركبون بغير ركب وينزون عليها نزوا أي يثبون وثبا لأنهم يألفون بذلك القوة والنشاط والخشونة ، قال : ولم أر في ذلك نقلا أعتمد عليه فيعلم ذلك .
وقد ذكر ابن عبد البر الخبر وفيه { واقطعوا الركب وانزوا على الخيل } وهذا يؤكد المعنى المشار إليه وفيه واخشوشنوا .
قال في نظم النهاية : واخشوشنوا أي : اخشنوا في دينكم ثم اصلبوا ، فأفادنا رحمه الله تعالى أن طلب الخشونة الصلابة في الدين وهو - وإن كان بعيدا - حسن والله الموفق .
وعن حذيفة رضي الله عنه مرفوعا { اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر واقتدوا بهدي عمار ، وتمسكوا بعهد عبد الله بن مسعود قلت : ما هدي عمار ؟ قال : التقشف والتشميس } .
وتقدم ما فيه كفاية .


