[ ص: 231 ]   465 
ثم دخلت سنة خمس وستين وأربعمائة . 
ذكر قتل  السلطان ألب أرسلان     . 
في أول هذه السنة قصد  السلطان ألب أرسلان ، واسمه محمد  ، وإنما غلب عليه  ألب أرسلان  ما وراء النهر ، وصاحبه  شمس الملك تكين  ، فعقد على جيحون  جسرا وعبر عليه في نيف وعشرين يوما ، وعسكره يزيد على مائتي ألف فارس ، فأتاه أصحابه بمستحفظ قلعة يعرف  بيوسف الخوارزمي  ، في سادس شهر ربيع الأول ، وحمل إلى قرب سريره مع غلامين ، فتقدم أن تضرب له أربعة أوتاد وتشد أطرافه إليها ، فقال له  يوسف     : يا مخنث ! مثلي يقتل هذه القتلة ؟ فغضب  السلطان ألب أرسلان  ، وأخذ القوس والنشاب ، وقال للغلامين : خلياه ! ورماه السلطان بسهم فأخطأه ، ولم يكن يخطئ سهمه ، فوثب  يوسف  يريده ، والسلطان على سدة ، فلما رأى  يوسف  يقصده قام عن السدة ونزل عنها ، فعثر ، فوقع على وجهه ، فبرك عليه  يوسف  وضربه بسكين كانت معه في خاصرته ، وكان  سعد الدولة  واقفا ، فجرحه  يوسف  أيضا جراحات ، ونهض السلطان إلى خيمة أخرى ، وضرب بعض الفراشين  يوسف  بمرزبة على رأسه فقتله ، وقطعه الأتراك    . 
وكان أهل سمرقند  لما بلغهم عبور السلطان النهر ، وما فعل عسكره بتلك البلاد لا سيما بخارى  ، اجتمعوا ، وختموا ختمات ، وسألوا الله أن يكفيهم أمره ، فاستجاب لهم . 
ولما جرح السلطان قال : ما من وجه قصدته ، وعدو أردته ، إلا استعنت بالله عليه ، ولما كان أمس صعدت على تل ، فارتجت الأرض تحتي من عظم الجيش وكثرة العسكر ، فقلت في نفسي : أنا ملك الدنيا ، وما يقدر أحد علي ،   [ ص: 232 ] فعجزني الله تعالى بأضعف خلقه ، وأنا أستغفر الله تعالى ، وأستقيله من ذلك الخاطر . فتوفي عاشر ربيع الأول من السنة ، فحمل إلى مرو  ودفن عند أبيه . 
ومولده سنة أربع وعشرين وأربعمائة ، وبلغ من العمر أربعين سنة وشهورا ، وقيل كان مولده سنة عشرين وأربعمائة ، وكانت مدة ملكه منذ خطب له بالسلطنة إلى أن قتل تسع سنين وستة أشهر وأياما ، ولما وصل خبر موته إلى بغداذ  جلس الوزير  فخر الدولة بن جهير  للعزاء به في صحن السلام . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					