[ ص: 37 ]   133 
ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين ومائة 
ذكر ملك الروم  ملطية   
في هذه السنة أقبل  قسطنطين  ، ملك الروم  ، إلى ملطية  وكمخ  ، فنازل كمخ  ، فأرسل أهلها إلى أهل ملطية   يستنجدونهم ، فسار إليهم منها ثمانمائة مقاتل ، فقاتلهم الروم  ، فانهزم المسلمون ، ونازل الروم  ملطية  وحصروها ، والجزيرة  يومئذ مفتونة بما ذكرناه ، وعاملها  موسى بن كعب  بحران    . 
فأرسل  قسطنطين  إلى أهل ملطية     : إني لم أحصركم إلا على علم من المسلمين واختلافهم ، فلكم الأمان وتعودون إلى بلاد المسلمين حتى أحترث ملطية    . فلم يجيبوه إلى ذلك ، فنصب المجانيق ، فأذعنوا وسلموا البلاد على الأمان ، وانتقلوا إلى بلاد الإسلام ، وحملوا ما أمكنهم حمله ، وما لم يقدروا على حمله ألقوه في الآبار والمجاري . 
فلما ساروا عنها أخربها الروم  ورحلوا عنها عائدين ، وتفرق أهلها في بلاد الجزيرة  ، وسار ملك الروم  إلى قاليقلا  ، فنزل مرج الحصى  ، وأرسل  كوشان الأرمني  فحصرها ، فنقب إخوان من الأرمن  من أهل المدينة   ردما كان في سورها ، فدخل  كوشان   [ ص: 38 ] ومن معه المدينة  وغلبوا عليها ، وقتلوا رجالها ، وسبوا النساء ، وساق القائم إلى ملك الروم . 
ذكر عدة حوادث 
في هذه السنة وجه   السفاح  عمه   سليمان بن علي  واليا على البصرة   ، وأعمالها وكور دجلة  والبحرين  وعمان  ومهرجانقذق  ، واستعمل عمه  إسماعيل بن علي  على الأهواز  
وفيها قتل  داود بن علي  من ظفر به من بني أمية  بمكة  والمدينة   ، ولما أراد قتلهم قال له  عبد الله بن الحسن بن الحسن     : يا أخي إذا قتلت هؤلاء فمن تباهي بملكه ؟ أما يكفيك أن يروك غاديا ورائحا فيما يذلهم ويسوؤهم ؟ فلم يقبل منه وقتلهم . 
وفيها مات  داود بن علي  بالمدينة   في شهر ربيع الأول ، واستخلف حين حضرته الوفاة ابنه  موسى  ، ولما بلغت   السفاح  وفاته استعمل على مكة  والمدينة  والطائف  واليمامة  خاله  زياد بن عبد الله بن عبد المدان الحارثي     . 
ووجه  محمد بن يزيد بن عبد الله بن عبد المدان  على اليمن    . فلما قدم  زياد  المدينة  وجه  إبراهيم بن حسان السلمي  ، وهو  أبو حماد الأبرص بن المثنى  ، إلى   يزيد بن عمر بن هبيرة  ، وهو باليمامة  ، فقتله وقتل أصحابه . 
وفيها توجه  محمد بن الأشعث  إلى إفريقية  فقاتل أهلها  قتالا شديدا حتى فتحها . 
 [ ص: 39 ] وفيها خرج  شريك بن شيخ المهري  ببخارى  على  أبي مسلم   ، ونقم عليه ، وقال : ما على هذا اتبعنا آل محمد  ، أن تسفك الدماء وأن يعمل بغير الحق ! وتبعه على رأيه أكثر من ثلاثين ألفا ، فوجه إليه  أبو مسلم  زياد بن صالح الخزاعي  فقاتله ، وقتله  زياد     . 
وفيها توجه  أبو داود خالد بن إبراهيم  إلى الختل  فدخلها ، ولم يمتنع عليه  حبيش بن الشبل  ملكها بل تحصن منه هو وأناس من الدهاقين ، فلما ألح عليه  أبو داود  خرج من الحصن هو ومن معه من دهاقينه وشاكريته حتى انتهوا إلى أرض فرغانة  ، ثم دخلوا بلد الترك ، وانتهوا إلى ملك الصين  ، وأخذ  أبو داود  من ظفر به منهم ، فبعث بهم إلى  أبي مسلم  ، 
وفيها قتل  عبد الرحمن بن يزيد بن المهلب  بالموصل  ، قتله  سليمان  الذي يقال له  الأسود  بأمان كتبه له . 
وفيها وجه  صالح بن علي  سعيد بن عبد الله  ليغزو الصائفة  وراء الدروب . 
( وفيها عزل  يحيى بن محمد  عن الموصل  ، واستعمل مكانه  إسماعيل بن علي     . وإنما عزل  يحيى  لقتله أهل الموصل     ) ، وسوء أثره فيهم . 
وحج بالناس هذه السنة  زياد بن عبيد الله الحارثي     . وكان العمال من ذكرنا إلا الحجاز  واليمن  والموصل  ، فقد ذكرنا من استعمل عليها . 
 [ ص: 40 ] وفيها تخالف  إخشيد  فرغانة  وملك الشاش  ، فاستمد  إخشيد  ملك الصين  فأمده بمائة ألف مقاتل ، فحصروا ملك الشاش  ، فنزل على حكم ملك الصين  ، فلم يتعرض له ولأصحابه بما يسوؤهم . 
وبلغ الخبر  أبا مسلم  فوجه إلى حربهم  زياد بن صالح  ، فالتقوا على نهر طراز  فظفر بهم المسلمون ، وقتلوا منهم زهاء خمسين ألفا ، وأسروا نحو عشرين ألفا ، وهرب الباقون إلى الصين  ، وكانت الوقعة في ذي الحجة سنة ثلاث وثلاثين . 
  [ الوفيات ] 
وفيها توفي  مروان بن أبي سعيد     .  وابن المعلى الزرقي الأنصاري     .  وعلي بن بذيمة مولى جابر بن سمرة السوائي     . (  بذيمة  بفتح الباء الموحدة ، وكسر الذال المعجمة ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					