ثم دخلت سنة ثلاث ومائة
ذكر استعمال سعيد الحرشي على خراسان
في هذه السنة عزل عمر بن هبيرة سعيد خذينة عن خراسان ، وكان سبب عزله أن المجشر بن مزاحم السلمي وعبد الله بن عمير الليثي قدما على عمر بن هبيرة فشكواه ، فعزله واستعمل سعيد بن عمرو الحرشي ، ( بالحاء المهملة ، والشين المعجمة ، من بني الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ) . وكان خذينة [ غازيا ] بباب سمرقند ، فبلغه عزله ، وخلف بسمرقند ألف رجل .
وقيل : إن عمر بن هبيرة كتب إلى يزيد بن عبد الملك بأسماء من أبلى يوم العقر ولم يذكر سعيدا الحرشي ، فقال يزيد : لم لم يذكر الحرشي ؟ وكتب إلى عمر بن هبيرة أن ول الحرشي خراسان ، فولاه ، فقدم بين يديه المجشر بن مزاحم السلمي ، فقال نهار بن توسعة :
فهل من مبلغ فتيان قومي بأن النبل ريشت كل ريش وأن الله أبدل من سعيد
سعيدا لا المخنث من قريش
فلست لعامر إن لم تروني أمام الخيل أطعن بالعوالي
[ ص: 149 ] وأضرب هامة الجبار منهم بعضب الحد حودث بالصقال
فما أنا في الحروب بمستكين ولا أخشى مصاولة الرجال
أبى لي والدي من كل ذم وخالي في الحوادث خير خال
فأبوا وخرجوا إلى خجندة ، وأرسلوا إلى ملك فرغانة يسألونه أن يمنعهم وينزلهم مدينته ، فأراد أن يفعل فقالت أمه : لا يدخل هؤلاء الشياطين مدينتك ، ولكن فرغ لهم رستاقا يكونون فيه ، فأرسل إليهم : سموا رستاقا تكونون فيه حتى أفرغه لكم ، وأجلوني أربعين يوما ، وقيل عشرين يوما . فاختاروا شعب عصام بن عبد الله الباهلي ، وكان قتيبة قد خلفه فيهم ، فقال : نعم ، وليس [ لكم ] علي عقد وجوار حتى تدخلوه ، وإن أتتكم [ العرب ] قبل أن تدخلوه لم أمنعكم . فرضوا ، ففرغ لهم الشعب .
ذكر عدة حوادث
قيل : وفي هذه السنة أغارت الترك على اللان ، [ ص: 150 ] وفيها غزا العباس بن الوليد الروم ، ففتح مدينة يقال لها دلسة . وفيها جمعت مكة والمدينة لعبد الرحمن بن الضحاك . وفيها ولي عبد الواحد بن عبد الله النضري الطائف ، وعزل عبد العزيز بن عبد الله بن خالد عنه وعن مكة .
وحج بالناس عبد الرحمن بن الضحاك ، وكان عامل مكة والمدينة ، وكان على العراق : عمر بن هبيرة ، وعلى خراسان : الحرشي ، وعلى قضاء الكوفة : القاسم بن عبد الرحمن ، وعلى قضاء البصرة : عبد الملك بن يعلى .
[ الوفيات ]
وفي هذه السنة مات الشعبي ، وقيل خمس ، وقيل سبع ومائة ، وهو ابن سبع وسبعين سنة . وفيها مات يزيد بن الأصم ، وهو ابن أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، وقيل : مات سنة أربع ومائة ، وعمره ثلاث وسبعون سنة . وفيها مات أبو بردة بن أبي موسى الأشعري . ويزيد بن الحصين بن نمير السكوني ، [ ص: 151 ] وفيها توفي عطاء بن يسار ، وهو أخو سليمان ، ( يسار بالياء المثناة من تحت والسين المهملة ) . وفيها توفيت عمرة بنت عبد الرحمن بن سعيد بن زرارة الأنصارية ، وهي ابنة سبع وسبعين سنة .
وفيها توفي مصعب بن سعد بن أبي وقاص . ويحيى بن وثاب الأسدي المنقري . وعبد العزيز بن حاتم بن النعمان الباهلي ، وكان عامل عمر بن عبد العزيز على الجزيرة .


