[ ص: 218 ]   116 
ثم دخلت سنة ستة عشرة ومائة 
في هذه السنة غزا  معاوية بن عبد الملك  أرض الروم  الصائفة . وفيها كان طاعون شديد بالعراق  والشام  ، وكان أشد بواسط    . 
ذكر عزل  الجنيد  ووفاته وولاية  عاصم  خراسان   
وفيها عزل  هشام بن عبد الملك الجنيد بن عبد الرحمن المري  عن خراسان  ، ( واستعمل عليها  عاصم بن عبد الله بن يزيد الهلالي     . 
وسبب ذلك أن  الجنيد  تزوج الفاضلة بنت يزيد بن المهلب  ، فغضب  هشام  فولى  عاصما  خراسان    ) ، وكان  الجنيد  قد سقي بطنه ، فقال  هشام  لعاصم     : إن أدركته وبه رمق فأزهق نفسه . فقدم  عاصم  وقد مات  الجنيد  ، وكان بينهما عداوة ، فأخذ  عمارة بن حريم  ، وكان  الجنيد  قد استخلفه ، وهو ابن عمه ، فعذبه  عاصم  وعذب عمال  الجنيد     . 
وعمارة  هذا جد  أبي الهيذام  صاحب العصبية بالشام  ، وسيأتي ذكرها إن شاء الله . 
وكان موت  الجنيد  بمرو  ، وكان من الأجواد الممدوحين غير محمود في حروبه . 
ذكر خلع  الحارث بن سريج  بخراسان   
وفي هذه السنة  خلع الحارث بن سريج  ، وأقبل إلى الفارياب  ، فأرسل إليه  عاصم بن عبد الله  رسلا فيهم  مقاتل بن حيان النبطي  وحطاب بن محرز السلمي  فقالا لمن معهما : لا نلقى  الحارث  إلا بأمان . فأبى القوم عليهما ، فأخذهم  الحارث  وحبسهم   [ ص: 219 ] ووكل بهم رجلا ، فأوثقوه وخرجوا من السجن فركبوا وعادوا إلى  عاصم  ، فأمرهم ، فخطبوا وذموا  الحارث  وذكروا خبث سيرته ( وغدره . وكان  الحارث  قد لبس السواد ودعا إلى كتاب الله وسنة نبيه والبيعة للرضا ، فسار من الفارياب    ) فأتى بلخا  وعليها   نصر بن سيار     [ و ] التجيبي [  ابن ضبيعة المري     ] ، فلقيا  الحارث     ( في عشرة آلاف  والحارث  في أربعة آلاف فقاتلهما ومن معهما ، فانهزم أهل بلخ  وتبعهم  الحارث     ) ، فدخل مدينة بلخ  ، وخرج   نصر بن سيار  منها ، وأمر  الحارث  بالكف عنهم ، واستعمل عليها رجلا من ولد  عبد الله بن خازم  ، وسار إلى الجوزجان  فغلب عليها وعلى الطالقان  ومرو الروذ     . 
فلما كان بالجوزجان  استشار أصحابه في أي بلد يقصد ، فقيل له : مرو  بيضة خراسان  وفرسانهم كثير ، ولو لم يلقوك إلا بعبيدهم لانتصفوا منك ، فأقم فإن أتوك قاتلتهم ، وإن أقاموا قطعت المادة عنهم . قال : لا أرى ذلك ، وسار إلى مرو    ( فقال لأهل الرأي من مرو    : إن أتى نيسابور  فرق جماعتنا ، وإن أتانا نكب . 
وبلغ  عاصما  أن أهل مرو  يكاتبون  الحارث  فقال : يا أهل مرو  قد كاتبتم  الحارث  ، لا يقصد المدينة إلا تركتموها له ، وإني لاحق بنيسابور  ، وأكاتب أمير المؤمنين حتى يمدني بعشرة آلاف من أهل الشام    . فقال له  المجشر بن مزاحم     : إن أعطوك بيعتهم بالطلاق والعتاق على القتال معك والمناصحة لك ( فلا تفارقهم ) . 
وأقبل  الحارث  إلى مرو  يقال : في ستين ألفا ومعه فرسان الأزد  وتميم  ، ومنهم :   محمد بن المثنى  ،  وحماد بن عامر الحماني  ،  وداود الأعسر  ،  وبشر بن أنيف الرياحي  ،  وعطاء الدبوسي  ، ومن الدهاقين : دهقان الجوزجان  ودهقان الفارياب  وملك الطالقان  ودهقان  مرو الروذ  في أشباههم ، وخرج  عاصم  في أهل مرو  وغيرهم فعسكر ، وقطع  عاصم  القناطر ، وأقبل أصحاب  الحارث  فأصلحوا القناطر ، فمال  محمد بن المثنى الفراهيذي الأزدي  إلى  عاصم  في ألفين فأتى الأزد  ، ومال  حماد بن عامر الحماني  إلى  عاصم  فأتى بني تميم  ، والتقى  الحارث  وعاصم  ، وعلى ميمنة  الحارث  وابض بن عبد الله بن زرارة التغلبي  ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزم أصحاب  الحارث  فغرق منهم   [ ص: 220 ] بشر كثير في أنهار مرو  وفي النهر الأعظم ، ومضت الدهاقين إلى بلادهم ، وغرق  خازم بن عبد الله بن خازم  ، وكان مع  الحارث  ، وقتل أصحاب  الحارث  قتلا ذريعا ، وقطع  الحارث  وادي مرو  ، فضرب رواقا عند منازل الرهبان ، وكف عنه  عاصم  ، واجتمع إلى  الحارث  زهاء ثلاثة آلاف . 
ذكر عدة حوادث 
وفيها عزل  هشام عبيد الله بن الحبحاب الموصلي  عن ولاية مصر   ، واستعمله على إفريقية  ، فسار إليها . 
وفيها سير  ابن الحبحاب  جيشا إلى صقلية  ، فلقيهم مراكب الروم  فاقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزمت الروم  ، وكانوا قد أسروا جماعة من المسلمين ، منهم   عبد الرحمن بن زياد  ، فبقي أسيرا إلى سنة إحدى وعشرين ومائة . 
وفيها سير  ابن الحبحاب  أيضا جيشا إلى السوس  وأرض السودان  ، فغنموا وظفروا وعادوا . وفيها استعمل  عبد الله بن الحبحاب  عطية بن الحجاج القيسي  على الأندلس  ، فسار إليها ووليها في شوال من هذه السنة ، وعزل  عبد الملك بن قطن  ، وكان له كل سنة غزاة ، وهو [ الذي ] افتتح جليقية  والبتة  وغيرهما . وقيل : بل ولي  عبد الله بن الحبحاب  إفريقية  سنة سبع عشرة ، وسترد أخباره هناك ، وهذا أصح ) . 
وحج بالناس هذه السنة   الوليد بن يزيد بن عبد الملك  ، وكان ولي عهد . 
وكان العمال على الأمصار من تقدم ذكرهم إلا خراسان  ، فكان عاملها  عاصم بن عبد الله     . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					