ذكر غزوة حمراء الأسد   
لما كان الغد من يوم الأحد أذن مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالغزو وقال : لا يخرج معنا إلا من حضر بالأمس ، فخرج ليظن الكفار به قوة ، وخرج معه جماعة جرحى يحملون نفوسهم ، وساروا حتى بلغواحمراء الأسد  ، وهي من المدينة  على سبعة أميال ، فأقام بها الاثنين والثلاثاء والأربعاء ، ومر به  معبد الخزاعي  ، وكانت خزاعة  مسلمهم ومشركهم عيبة نصح لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتهامة  ، وكان  معبد  مشركا ، فقال : يا محمد  ، لقد عز علينا ما أصابك . ثم خرج من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فلقي  أبا سفيان  ومن معه بالروحاء قد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليستأصلوا المسلمين بزعمهم ، فلما رأى  أبو سفيان  معبدا  قال : ما وراءك ؟ قال : محمد  قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله ، قد جمع معه من تخلف عنه وندموا على ما صنعوا ، وما ترحل حتى ترى نواصي الخيل . قال : فوالله قد أجمعنا الرجعة لنستأصل بقيتهم . قال : إني أنهاك عن هذا ، فثنى ذلك  أبا سفيان  ومن معه . 
ومر  بأبي سفيان  ركب من عبد القيس  فقال لهم : بلغوا عني محمدا  رسالة ، وأحمل   [ ص: 53 ] لكم إبلكم هذه زبيبا بعكاظ    . قالوا : نعم . قال : أخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصلهم . فمروا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بحمراء الأسد  فأخبروه ، فقال - صلى الله عليه وسلم : حسبنا الله ونعم الوكيل . 
ثم عاد إلى المدينة  ، وظفر في طريقه  بمعاوية بن المغيرة بن أبي العاص  ،  وبأبي عزة عمرو بن عبيد الله الجمحي  ، وكان قد تخلف عن المشركين بحمراء الأسد  ، ساروا وتركوه نائما ، وكان  أبو عزة  قد أسر يوم بدر  ، فأطلقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغير فداء لأنه شكا إليه فقرا وكثرة عيال ، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه العهود أن لا يقاتله ولا يعين على قتاله ، فخرج معهم يوم أحد  وحرض على المسلمين ، فلما أتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له : يا محمد  ، امنن علي . قال : المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين . وأمر به فقتل . 
وأما  معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية  ، وهو الذي جدع أنف  حمزة  ومثل به مع من مثل به ، وكان قد أخطأ الطريق ، فلما أصبح أتى دار   عثمان بن عفان  ، فلما رآه قال له  عثمان     : أهلكتني وأهلكت نفسك . فقال : أنت أقربهم مني رحما ، وقد جئتك لتجيرني . وأدخله  عثمان  داره ، وقصد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليشفع فيه ، فسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن  معاوية  بالمدينة  فاطلبوه . فأخرجوه من منزل  عثمان  ، وانطلقوا به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال  عثمان     : والذي بعثك بالحق ما جئت إلا لأطلب له أمانا فهبه لي ، فوهبه له وأجله ثلاثة أيام ، وأقسم لئن أقام بعدها ليقتلنه ، فجهزه  عثمان  وقال له : ارتحل . 
وسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حمراء الأسد  ، وأقام  معاوية  ليعرف أخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما كان اليوم الرابع قال النبي - صلى الله عليه وسلم : إن  معاوية  يصبح قريبا ولم يبعد ، فاطلبوه ، فطلبه   زيد بن حارثة  وعمار  فأدركاه بالحماة ، فقتلاه . 
وهذا  معاوية جد عبد الملك بن مروان بن الحكم لأمه     . 
وفيها قيل : ولد  الحسن بن علي  في النصف من شهر رمضان . 
 [ ص: 54 ] وفيها علقت فاطمة  بالحسين  ، وكان بين ولادتها وحملها خمسون يوما . 
وفيها حملت جميلة بنت عبد الله بن أبي   بعبد الله بن حنظلة بن أبي عامر  غسيل الملائكة في شوال . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					