ذكر الحرب بين  السلطان مسعود  وعمه  السلطان سنجر   
لما توفي  السلطان محمود  سار  سنجر  إلى بلاد الجبال ومعه  الملك طغرل ابن السلطان محمد  ، وكان عنده قد لازمه ، فوصل إلى الري  ، ثم سار منها إلى همذان  ، فوصل الخبر إلى   الخليفة المسترشد بالله  والسلطان مسعود  بوصوله إلى همذان  ، فاستقرت القاعدة بينهما على قتاله ، وأن يكون الخليفة معهم ، وتجهز الخليفة ، فتقدم  قراجة الساقي  والسلطان مسعود  وسلجوقشاه  نحو  السلطان سنجر  ، وتأخر  المسترشد بالله  عن المسير معهم ، فأرسل إلى  قراجة  ، وألزمه وقال : 
إن الذي تخاف من  سنجر  آجلا أنا أفعله عاجلا . 
فبرز حينئذ وسار على تريث وتوقف إلى أن بلغ إلى خانقين وأقام بها . 
وقطعت خطبة  سنجر  من العراق  جميعه ، ووصلت الأخبار بوصول  عماد الدين   [ ص: 36 ] زنكي  ،   ودبيس بن صدقة  إلى قريب بغداذ  ، فأما  دبيس  فإنه ذكر أن  السلطان سنجر  أقطعه الحلة  ، وأرسل إلى  المسترشد بالله  يضرع ، ويسأل الرضا عنه ، فامتنع من إجابته إلى ذلك . 
وأما  عماد الدين زنكي  فإنه ذكر أن  السلطان سنجر  قد أعطاه شحنكية بغداذ  ، فعاد  المسترشد بالله  إلى بغداذ  ، وأمر أهلها بالاستعداد للمدافعة عنها ، وجند أجنادا جعلهم معهم . 
ثم إن  السلطان مسعودا  وصل إلى  دادمرج  ، فلقيهم طلائع  السلطان سنجر  في خلق كثير فتأخر  السلطان مسعود  إلى  كرمانشاهان  ، ونزل  السلطان سنجر  في أسداباذ في مائة ألف فارس ، فسار  مسعود  وأخوه  سلجوقشاه  إلى جبلين يقال لهما : كاو  ، وماهي  ، فنزلا بينهما ، ونزل  السلطان سنجر  كنكور  ، فلما سمع بانحرافهم أسرع في طلبهم ، فرجعوا إلى ورائهم مسيرة أربعة أيام في يوم وليلة ، فالتقى العسكران بعولان  ، عند الدينور  ، وكان  مسعود  يدافع الحرب انتظارا لقدوم المسترشد ، فلما نازله  السلطان سنجر  لم يجد بدا من المصاف ، وجعل  سنجر  على ميمنته  طغرل ابن أخيه محمد  وقماج  وأمير أميران ، وعلى ميسرته   خوارزم شاه أتسز بن محمد  مع جمع من الأمراء ، وجعل  مسعود  على ميمنته  قراجة الساقي  والأمير قزل  ، وعلى ميسرته يرنقش بازدار  ويوسف جاووش  ، وغيرهما ، وكان  قزل  قد واطأ  سنجر  على الانهزام . 
ووقعت الحرب وقامت على ساق ، وكان يوما مشهودا ، فحمل  قراجة الساقي  على القلب وفيه  السلطان سنجر  في عشرة آلاف فارس من شجعان العسكر ، وبين يديه الفيلة ، فلما حمل  قراجة  على القلب رجع  الملك طغرل  وخوارزم شاه  إلى وراء ظهره ، فصار  قراجة  في الوسط فقاتل إلى أن جرح عدة جراحات ، وقتل كثير من أصحابه ، وأخذ هو أسيرا وبه جراحات كثيرة ، فلما رأى  السلطان مسعود  ذلك انهزم وسلم من المعركة ، وقتل  يوسف جاووش  ،  وحسين أزبك  ، وهما من أكابر الأمراء ، وكانت الوقعة ثامن رجب من هذه السنة . 
فلما تمت الهزيمة على  مسعود  نزل  سنجر  ، وأحضر  قراجة  ، فلما حضر  قراجة  سبه وقال له : 
يا مفسد أي شيء ترجو بقتالي ؟ قال : 
كنت أرجو أن أقتلك وأقيم   [ ص: 37 ] سلطانا أحكم عليه . 
فقتله صبرا ، وأرسل إلى  السلطان مسعود  يستدعيه فحضر عنده ، وكان قد بلغ خونج ، فلما رآه قبله وأكرمه وعاتبه على العصيان عليه ومخالفته ، وأعاده إلى كنجة ، وأجلس  الملك طغرل ابن أخيه محمد  في السلطنة ، وخطب له جميع البلاد ، وجعل في وزارته  أبا القاسم الأنساباذي  وزير  السلطان محمود  ، وعاد إلى خراسان  ، فوصل إلى نيسابور  في العشرين من رمضان سنة ست وعشرين [ وخمسمائة ] . 
وأما  المسترشد بالله  فكان منه ما نذكره . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					