ذكر عود  ألدز  إلى غزنة  
 لما سار  جلال الدين  عن غزنة  ، وأقام بها أخوه  علاء الدين  ، جمع  ألدز  ومن معه من الأتراك  عسكرا كثيرا وعادوا إلى غزنة  ، فوصلوا إلى كلواذا  فملكوها وقتلوا جماعة من الغورية  ، ووصل المنهزمون منها إلى كرمان  ، فسار  ألدز  إليهم ، وجعل على مقدمه مملوكا كبيرا من مماليك  شهاب الدين  ، اسمه أي  دكز التتر  ، في ألفي فارس من الخلج  والأتراك  والغز  والغورية  وغيرهم . 
 [ ص: 232 ] وكان بكرمان  عسكر  لعلاء الدين  مع أمير يقال له  ابن المؤيد  ، ومعه جماعة من الأمراء منهم  أبو علي بن سليمان بن سيس  وهو وأبوه من أعيان الغورية  ، وكانا مشتغلين باللعب واللهو والشرب ، لا يفتران عن ذلك فقيل لهما : إن عسكر الأتراك  قد قربوا منكم فلم يلتفتا إلى ذلك ، ولا تركا ما كانا عليه ، فهجم عليهم  أي دكز التتر  ومن معه من الأتراك  فلم يمهلهم يركبون خيولهم ، فقتلوا عن آخرهم ، منهم من قتل في المعركة ، ومنهم من قتل صبرا ، ولم ينج إلا من تركه الأتراك  عمدا . 
ولما وصل  ألدز  فرأى أمراء الغورية  كلهم قتلى قال : كل هؤلاء قاتلونا ؟ فقال  أي دكز التتر     : لا بل قتلناهم صبرا فلامه على ذلك ، ووبخه ، وأحضر رأس  ابن المؤيد  بين يديه ، فسجد شكرا لله - تعالى - ، وأمر بالمقتولين فغسلوا ودفنوا ، وكان في جملة القتلى  أبو علي بن سليمان بن سيس     . 
ووصل الخبر إلى غزنة  في العشرين من ذي الحجة من هذه السنة ، فصلب  علاء الدين  الذي جاء بالخبر ، فتغيمت السماء ، وجاء مطر شديد خرب بعض غزنة  ، وجاء بعده برد كبار مثل بيض الدجاج ، فضج الناس إلى  علاء الدين  بإنزال المصلوب ، فأنزله آخر النهار فانكشفت الظلمة ، وسكن ما كانوا فيه . 
وملك  ألدز  كرمان  ، وأحسن إلى أهلها ، وكانوا في ضر شديد مع أولئك . 
ولما صح الخبر عند  علاء الدين  أرسل وزيره  الصاحب  إلى أخيه  جلال الدين  في باميان  يخبره بحال  ألدز  ، ويستنجده ، وكان قد أعد العساكر ليسير إلى بلخ  يرحل عنها  خوارزم شاه  ، فلما أتاه هذا الخبر ترك بلخ  وسار إلى غزنة  ، وكان أكثر عسكره من الغورية  قد فارقوه ، وفارقوا أخاه ، وقصدوا  غياث الدين  ، فلما كان أواخر ذي الحجة وصل  ألدز  إلى غزنة  ، ونزل هو وعسكره بإزاء قلعة غزنة  ، وحصر  علاء الدين  ، وجرى بينهم قتال شديد ، وأمر  ألدز  فنودي في البلد بالأمان ، وتسكين الناس من أهل البلد والغورية  وعسكر  باميان  ، وأقام  ألدز  محاصرا للقلعة ، فوصل  جلال الدين  في أربعة آلاف من عسكر باميان  وغيرهم ، فرحل  ألدز  إلى طريقهم ، وكان مقامه إلى أن سار إليهم أربعين يوما ، فلما سار  ألدز  سير  علاء الدين  من كان عنده من العسكر ، وأمرهم أن يأتوا  ألدز  من خلفه ، ويكون أخوه من بين يديه ، فلا يسلم من عسكره أحد . فلما   [ ص: 233 ] خرجوا من القلعة سار  سليمان بن سيس الغوري  إلى  غياث الدين  بفيروزكوه  ، فلما وصل إليه أكرمه وعظمه ، وجعله أمير داذ فيروزكوه  ، وكان ذلك في صفر سنة ثلاث وستمائة . 
وأما  ألدز  فإنه سار إلى طريق  جلال الدين  ، فالتقوا بقرية بلق  ، فاقتتلوا قتالا صبروا فيه ، فانهزم  جلال الدين  وعسكره ، وأخذ  جلال الدين  أسيرا ، وأتي به إلى  ألدز  ، فلما رآه ترجل وقبل يده ، وأمر بالاحتياط عليه ، وعاد إلى غزنة  وجلال الدين  معه وألف أسير من الباميانية ، وغنم أصحابه أموالهم . 
ولما عاد إلى غزنة  أرسل إلى  علاء الدين  يقول له ليسلم القلعة إليه . وإلا قتل من عنده من الأسرى ، فلم يسلمها ، فقتل منهم أربعمائة أسير بإزاء القلعة ، فلما رأى  علاء الدين  ذلك أرسل  مؤيد الملك  يطلب الأمان ، فأمنه  ألدز  ، فلما خرج قبض عليه ووكل به وبأخيه من يحفظهما ، وقبض على وزيره  عماد الملك  لسوء سيرته ، وكان  هندوخان بن ملكشاه بن خوارزم شاه تكش  مع  علاء الدين  بقلعة غزنة  ، فلما خرج منها قبض عليه أيضا ، وكتب إلى  غياث الدين  بالفتح ، وأرسل إليه الأعلام وبعض الأسرى . 
				
						
						
