ذكر القبض على الحاجب  علي  وقتله    . 
وفي هذه السنة أرسل   الملك الأشرف  مملوكه   عز الدين أيبك  ، وهو أمير كبير في دولته إلى مدينة خلاط  ، وأمره بالقبض على الحاجب  حسام الدين علي بن حماد  ،   [ ص: 437 ] وهو المتولي لبلاد خلاط  والحاكم فيها من قبل  الأشرف     . 
ولم نعلم شيئا يوجب القبض عليه ; لأنه كان مشفقا عليه ، ناصحا له ، حافظا لبلاده ، وحسن السيرة مع الرعية ، ولقد وقف هذه المدة الطويلة في وجه  خوارزم شاه جلال الدين  ، وحفظ خلاط  حفظا يعجز غيره عنه ، وكان مهتما بحفظ بلاده ، وذابا عنها ، وقد تقدم من ذكر قصده بلاد  جلال الدين  والاستيلاء على بعضها ما يدل على همة عالية ، وشجاعة تامة ، وصار لصاحبه به منزلة عظيمة ، فإن الناس يقولون : بعض غلمان   الملك الأشرف  يقاوم  خوارزم شاه     . 
وكان - رحمه الله - كثير الخير والإحسان ، لا يمكن أحدا من ظلم ، وعمل كثيرا من أعمال البر ، من الخانات في الطرق ، والمساجد في البلاد ، وبنى بخلاط  بيمارستانا وجامعا ، وعمل كثيرا من الطرق ، وأصلحها كان يشق سلوكها . 
فلما وصل  أيبك  إلى خلاط  ، قبض عليه ، ثم قتله غيلة ; لأنه كان عدوه ، ولما قتل ظهر أثر كفايته ، فإن  جلال الدين  حصر خلاط  بعد قبضه وملكها ، على ما نذكره إن شاء الله ، ولم يمهل الله  أيبك  ، بل انتقم منه سريعا ، فإن  جلال الدين  أخذ  أيبك  أسيرا لما ملك خلاط  مع غيره من الأمراء ، فلما اصطلح  الأشرف  وجلال الدين  أطلق الجميع ، وذكر أن  أيبك  قتل . 
وكان سبب قتله أن مملوكا للحاجب  علي  كان قد هرب إلى  جلال الدين  ، فلما أسر  أيبك  ، طلبه ذلك المملوك من  جلال الدين  ليقتله بصاحبه الحاجب  علي  ، فسلمه إليه فقتله ، وبلغني أن   الملك الأشرف  رأى في المنام كأن الحاجب  عليا  قد دخل إلى مجلس فيه  أيبك  ، فأخذ منديلا وجعله في رقبة  أيبك  وأخذه وخرج ، فأصبح   الملك الأشرف  وقال : قد مات  أيبك  ، فإني رأيت في المنام كذا وكذا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					