[ ص: 320 ] 268 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : { تجاوز الله لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم ينطق به لسان أو تعمله يد } " .
1631 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا أبو اليسع وهب بن المبارك ، قال : حدثنا حماد بن سلمة وأبو عوانة ، عن قتادة ( ح ) ، وحدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن قتادة ، ثم اجتمعا فقالا : عن زرارة بن أوفى ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { تجاوز الله عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم ينطق به لسان أو تعمله يد } .
[ ص: 321 ]
1632 - وحدثنا عبد الرحمن بن الجارود ، قال : حدثنا معاذ بن فضالة ، قال : حدثنا هشام الدستوائي ، عن قتادة ، عن زرارة بن أوفى ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : { إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل يد أو ينطق به لسان } .
1633 - وحدثنا أحمد بن شعيب ، قال : حدثنا عبد الله بن سعيد أبو سعيد الأشج ، قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن مسعر ، عن قتادة ، عن زرارة بن أوفى ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الله عز وجل تجاوز لأمتي ما وسوست به ، وحدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به } .
1634 - وحدثنا أحمد ، قال : حدثنا موسى بن عبد الرحمن [ ص: 322 ] المسروقي ، قال : حدثنا حسين الجعفي ، عن زائدة ، عن شيبان ، عن قتادة ، عن زرارة بن أوفى ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : { إن الله عز وجل تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تكلم به ، أو تعمل به } .
1635 - وحدثنا أحمد ، حدثني إبراهيم بن الحسن وعبد الرحمن بن محمد بن سلام ، قالا : حدثنا حجاج بن محمد ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم - وقال عبد الرحمن : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال : { إن الله عز وجل تجاوز عن أمتي كل شيء حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل } .
1636 - حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا أبو الربيع الزهراني ، قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش ، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الله [ ص: 323 ] عز وجل عفا لي ، عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يعملوا به أو يتكلموا به } .
قال أبو جعفر : سمعت ابن أبي داود يقول : لا نعرف للأعمش عن الأعرج غير هذا الحديث ، ولا يرويه عنه غير جرير .
قال أبو جعفر : وكان الذي حدثنا هؤلاء جميعا هذا الحديث عليه هو : حدثت به أنفسها - بالنصب - ، فكان ذلك على معنى حديثها به أنفسها ، وأهل اللغة يخالفونهم في ذلك ، ويذكرون أنه حدثت به أنفسها بالرفع ، وأن أنفسها حديثها به ، عن غير اختيارها إياه ، ولا اجتلابها له منها ، قالوا : ومما يدل على ذلك قول الله عز وجل : ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد .
قالوا : ومما يدل على ذلك فذكروا :
1637 - ما قد حدثنا به أحمد بن شعيب ، قال : حدثنا الحسين بن منصور ، قال : حدثنا علي بن عثام ، قال : حدثنا سعير بن الخمس ، قال : حدثنا مغيرة ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، [ ص: 324 ] عن عبد الله ، قال : { جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إني أحدث نفسي بالشيء ؛ لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به ، فقال : ذاك محض الإيمان أو قال : صريح الإيمان } .
1638 - وذكروا ما قد حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا روح بن عبادة ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثنا منصور ، عن ذر ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد ، عن ابن عباس ، { أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله ، إن أحدنا يحدث نفسه بالشيء ، لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم [ ص: 325 ] به ، فقال : الحمد لله الذي لم يقدر منكم إلا على الوسوسة } .
قال شعبة : وحدثنا سليمان بهذا الإسناد ، وقال في حديثه : الحمد لله الذي رد أمره إلى الوسوسة .
1639 - وما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا بشر بن عمر الزهراني ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور . وسليمان ، عن ذر ، عن عبد الله بن شداد ، عن { ابن عباس ، قال : يا رسول الله ، كنا نحدث أنفسنا بالشيء : لأن نكون حممة أحب إلينا من أن نتكلم به ، فقال : أحدهما : الحمد لله الذي لم يقدر منكم إلا على الوسوسة .
وقال الآخر : الحمد لله الذي رد أمره إلى الوسوسة } .
[ ص: 326 ]
1640 - وما قد حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن ذر ، عن عبد الله بن شداد ، عن ابن عباس ، قال : { جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إني أحدث نفسي بشيء ، ولأن أكون حممة أحب إلي من أن أتكلم به . فقال : الله أكبر ، الحمد لله الذي رد أمره إلى الوسوسة } .
قالوا : وهذا الحديث وإن كان قد قيل فيه ، وإن أحدنا يحدث نفسه ، وهو مما ذكره عنه ابن مسعود ذلك صريح الإيمان أو محض الإيمان ، أو لتوقيكم أن تقولوا ذلك بألسنتكم ، فتؤخذون به ، فكان توقيكم ذلك ومنع أنفسكم منه إيمانا .
وما ذكره عنه ابن عباس ، وهو : الحمد لله الذي لم يقدر عليكم إلا على الوسوسة ، أو الحمد لله الذي رد أمره إلى الوسوسة التي لا تؤاخذون بها ، بل تثابون على توقيكم أن تطلقوها .
قالوا : وهذا الحديث وإن كان قد قيل فيه : إن أحدنا تحدثه نفسه ، أو إنا نحدث أنفسنا ، فإن جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 327 ] إياهم في ذلك هو المعتمد عليه وإليه قصد به ، وهو : { الحمد لله الذي لم يقدر منكم إلا على الوسوسة } .
أو الحمد لله الذي رد أمره إلى الوسوسة ، فعاد ذلك إلى وسواسه أنفسهم بما توسوسهم به .
قال أبو جعفر : فتأملنا نحن هذا الحديث ، وهل يحتمل خلاف ما قال أهل اللغة فيه مما يوافق ما كان الذين أخذناه عنهم حدثونا به ، مما يعود إلى ما حدثت به أنفسها بالنصب أم لا ، فوجدنا منه ذكر التجاوز من الله عز وجل لنبيه في أمته عما تجاوز لها عنه ، فكان التجاوز لا يكون إلا عن ما لو لم يتجاوز عنه ، لكانوا معاقبين عليه ، وذلك مما قد عقلناه أنه لا يكون من الخواطر المعفو عنها ، وأنه إنما يكون من الأشياء المجتلبة بالهموم بها ، فكان وجه ذلك عندنا والله أعلم ، على ما يهم به من المعاصي ليعملها ، فتجاوز الله لنبيه صلى الله عليه وسلم عنهم ذلك ، فلم يؤاخذهم به ولم يعاقبهم عليه .
ومن ذلك ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
1641 - مما قد حدثنا يونس ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن { النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : قال الله عز وجل : إذا هم عبدي بحسنة فلم يعملها فاكتبوها حسنة ، فإن عملها فاكتبوها عشرا ، وإذا هم عبدي بسيئة فلم يعملها فلا تكتبوها ، فإن عملها فاكتبوها بمثلها ، وإن هو تركها فاكتبوها حسنة } .
[ ص: 328 ] قال أبو جعفر : سمعت يونس يقول : ثم قرأت هذا الحديث على سفيان ، بعد أن حدثنا به ، فزادني في الحسنة : { فاكتبوها إلى سبعمائة ضعف } ، وزادني في السيئة : { فإن تركها من خشيتي } .
فانتفى بذلك ما ادعاه أهل اللغة على المحدثين في هذا الحديث ، مما قد ذكرناه معهم ، وعاد الحديث إلى ما حدثت به أنفسها بالنصب ، كما نقلوه إلينا ، لا بالرفع ، والله عز وجل نسأله التوفيق .


