[ ص: 211 ] 825 - باب بيان مشكل ما يروى عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس مما يرفعه بعضهم عن علي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المراد بقول الله - عز وجل - : " وتجعلون شكركم مكان ما نقرأه نحن رزقكم أنكم تكذبون
5214 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا محمد بن كثير العبدي ، قال : حدثنا إسرائيل بن يونس .
5215 - وحدثنا فهد ، قال : حدثنا أبو غسان ، قال : حدثنا إسرائيل ، ثم اجتمعا ، فقالا : عن عبد الأعلى ، عن أبي عبد الرحمن ، عن علي - عليه السلام - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله - عز وجل - : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ، قال : " شكركم ، تقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا ، ونجم كذا وكذا .
[ ص: 212 ] وحدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا الفريابي ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبد الأعلى ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن علي - عليه السلام - مثله ، ولم يرفعه .
5216 - وحدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا سريج بن النعمان الجوهري ، قال : حدثنا هشيم [ ص: 213 ] - وحدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا هشيم ، ثم اجتمعا ، فقال : كل واحد منهما ، عن أبي بشر جعفر بن إياس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أنه كان يقرأ " وتجعلون شكركم أنكم تكذبون ".قال : نزلت بالأنواء ، كانوا إذا مطروا من الليل ، فإذا أصبحوا ، قالوا : مطرنا بنوء كذا وكذا ، وكان قولهم ذلك كفرا ، فأنزل الله - عز وجل - : وتجعلون شكركم على ما أنزلت عليكم من الرزق والغيث أنكم تكذبون ، تقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا .
وقد روي عن عبد الله بن عباس أيضا أنه قرأ مكان : " وتجعلون شكركم وتجعلون رزقكم .
5217 - كما قد حدثنا يونس ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، عن ابن عباس في قوله - عز وجل وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون [ ص: 214 ] قال : هو الاستسقاء بالأنواء .
فتأملنا ما في هذه الآثار ، فوجدنا في بعضها : وتجعلون شكركم مكان ما يقرأ : وتجعلون رزقكم فكان ذلك مفتوح المعنى ، وكان ذلك كما تقول العرب : زرتك لتكرمني ، فجعلت زيارتي أنك استخففت بي ، فيكون المعنى : جعلت ثواب زيارتي الاستخفاف بي ، فمثل ذلك جعلتم الشكر لما كان مني إليكم التكذيب ، كذلك قال الفراء .
ووجدنا في بعضها ما يقرؤونه وهو: وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون فكان معنى ذلك يرجع إلى المعنى الآخر ، من العرب من يسمي الشكر الرزق ، منهم أزد شنوءة ، ذكر ذلك قطرب والفراء جميعا ، فرجع معنى ذلك إلى معنى ما قد ذكرناه في المراد بقوله : وتجعلون شكركم .
وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما كانوا يقولونه عند المطر كانوا يعانون به ، ويجب عليهم الشكر عنده .
[ ص: 215 ]
5218 - ما قد حدثنا يونس ، قال : أخبرنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عتاب بن حنين ، عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لو حبس الله القطر عن الناس تسع سنين ، ثم أرسله لأصبح قوم كافرين يقولون : مطرنا بنوء المجدح .
5219 - وما قد حدثنا يونس ، قال : أخبرنا سفيان ، عن محمد بن [ ص: 216 ] إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الله ليصبح القوم بالنعمة أو يمسيهم بها ، ثم يصبح قوم بها كافرين ، يقولون : بنوء كذا وكذا .
قال محمد : فذكرت هذا الحديث لسعيد بن المسيب ، فقال : ونحن قد سمعنا هذا من أبي هريرة .
قال أبو جعفر : فهذا الذي كانوا يقولونه ، فيصبحون بقولهم إياه كافرين ، أي : كافرين لنعمة الله عليهم ، لا كافرين بما سوى ذلك ، وهذا مثل ما يروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما قد ذكرناه فيما تقدم منا في كتابنا هذا من قوله : " واطلعت في النار ، فرأيت أكثر أهلها النساء" فقيل لم يا رسول الله ؟ فقال : " بكفرهن " ، فقيل : يكفرن بالله ؟ فقال : " لا ، يكفرن الإحسان ، ويكفرن العشير ، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ، ثم رأت منك شيئا ، قالت : ما رأيت منك خيرا قط " والله نسأله التوفيق .


