[ ص: 527 ] 719 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القسامة التي قضى بها على اليهود ، وجعل الدية عليهم ، هل تكون كذلك الأحكام فيمن بعدهم تكون الدية على ساكني الموضع الموجود فيه ذلك القتيل ، وإن لم يكونوا يملكونه ؟ أو على مالكيه ؟
قال أبو جعفر : قد روينا في حديث سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار : " إما أن يدوا صاحبكم ، وإما أن يؤذنوا بحرب " .
وفي حديث أبي سلمة وسليمان أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل دية ذلك القتيل على اليهود ، وخيبر فإنما كانت للمسلمين ، وكانت اليهود عمالهم فيها .
قال أبو يوسف : فهكذا أقول ، إذا كانت دار لها سكان لا يملكونها ، ولها مالكون بعدوا عنها ، فالقسامة والدية على ساكنها ، لا على مالكيها الذين لا يسكنونها . وقد خالفه في ذلك أبو حنيفة ومحمد بن الحسن ، وكثير من أهل العلم سواهما ، فجعلوا القسامة [ ص: 528 ] والدية في ذلك على المالكين ، لا على السكان الذين لا يملكون ذلك الموضع .
وتأملنا ما قاله أبو يوسف في ذلك ، فوجدناه قد أوهم فيه ، لأن في حديث بشر بن المفضل أنها كانت - يعني خيبر - يومئذ صلحا ، وقد شد ذلك حديث مالك عن أبي ليلى ، عن سهل الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إما أن يدوا صاحبكم ، وإما أن يؤذنوا بحرب " ، وذلك لا يكون إلا على موضع هو لهم ، وقد وافق بشر بن المفضل على ما روي في خيبر أنها كانت صلحا يومئذ عن يحيى بن سعيد سليمان بن بلال .
4591 - كما قد حدثنا محمد بن خزيمة قال : حدثنا القعنبي قال : حدثنا سليمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيد ، [ عن بشير بن يسار ] أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي يومئذ صلح وأهلها يهود ، فتفرقا لحاجتهما ، فقتل عبد الله بن سهل ، فوجد في شربة مقتولا ، فدفنه صاحبه ، ثم أقبل إلى المدينة ، فمشى أخو المقتول عبد الرحمن بن سهل وحويصة ومحيصة ، فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم شأن عبد الله بن سهل وكيف قتل ، فزعم بشير بن يسار وهو يحدث عمن أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لهم : تحلفون خمسين يمينا وتستحقون قتيلكم أو صاحبكم ؟ قالوا : يا رسول الله ، ما شهدنا ولا حضرنا ، قال : " أفتبرئكم اليهود بخمسين يمينا ؟ " قالوا : يا رسول الله ، وكيف نقبل أيمان قوم كفار ؟ فزعم بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقله .
[ ص: 529 ] قال أبو جعفر : فعقلنا بحديث بشر وسليمان إيهام أبي يوسف في هذا الحديث في الأمر الذي كانت عليه خيبر لما وجد فيها ذلك القتيل ، وأنها لم تكن للمسلمين ، وإنما كانت لليهود ، والله أعلم .


