[ ص: 62 ] 367 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : لو كان الإيمان بالثريا ومن قوله : لو كان الدين بالثريا لناله رجال من أبناء فارس
2295 - حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا سعيد بن منصور قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن أبيه ، عن قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لو كان الإيمان بالثريا لناله ناس من أهل فارس .
2296 - حدثنا يوسف بن يزيد قال : حدثنا سعيد بن منصور قال : حدثنا عبد العزيز الدراوردي قال : سمعت ثور بن زيد يذكر عن أبي الغيث ، [ ص: 63 ] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية : وآخرين منهم لما يلحقوا بهم كلمه فيها الناس ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على سلمان فقال : لو كان الدين بالثريا لناله رجال من هؤلاء .
2297 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : حدثنا ابن وهب قال : أخبرني سليمان بن بلال ، عن ثور بن زيد ، عن سالم أبي الغيث ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلت سورة الجمعة : وآخرين منهم لما يلحقوا بهم . فقال رجل : من هؤلاء يا رسول الله ؟ فلم يجبه حتى سأله ثلاث مرات وفينا سلمان الفارسي فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان وقال : لو كان الإيمان بالثريا لناله رجال من هؤلاء .
[ ص: 64 ]
2298 - حدثنا يوسف قال : حدثنا سعيد بن منصور قال : حدثنا عبد العزيز الدراوردي قال : حدثني شعيب من ولد أمية بن زيد من الأنصار قال : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لو كان الدين بالثريا لناله رجال من الفرس أو قال من الأعاجم ، شك عبد العزيز .
وقد روي عن أبي هريرة في العلم مثل هذا أيضا في حديث فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وشيء عن أبي هريرة مما هو محتمل عندنا أن يكون ما فيه من ذكر العلم من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، ومحتمل أن يكون من كلام أبي هريرة ، فإن يكن عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو كهذين الحديثين ، وإن يكن من كلام أبي هريرة فإن أبا هريرة لم يقل ذلك رأيا وإنما قاله بأخذه إياه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو بأخذه إياه عمن أخذه عن النبي صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 65 ]
[ ص: 66 ]
2299 - وهو ما قد حدثنا أبو أمية قال : حدثنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا شيبان ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ويل للعرب من شر قد اقترب ، أفلح من كف يده ، تقربوا يا بني فروخ إلى الذكر ؛ فإن العرب قد أعرضت والله ، والله إن منكم رجالا لو كان العلم بالثريا لنالوه .
وقد وجدنا عن أبي هريرة رضي الله عنه .
2300 - كما حدثنا بكار قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عوف الأعرابي قال : حدثنا شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أن العلم بالثريا لتناله رجال من أبناء فارس .
[ ص: 67 ] فتأملنا هذه الآثار لنقف على المراد بما فيها - إن شاء الله - فوجدنا ذلك على المثل كما يقول الرجل لصاحبه : أنت مني كالثريا أي : في البعد ، أو كمثل قوله في ضد ذلك من القرب : أنت مني مؤخر القلب ، وأنت مني نصب عيني ، وأنت مني كذراعي من عضدي ... في أمثال ذلك ، وكانت الثريا لا إيمان ولا دين ولا علم بها فقيل ذلك على المثل ، كما قيل في بقية الأشياء .
وقد يحتمل أن يكون ذلك لم يقل على المثل ، وقيل على أنه لو كان هناك كان لا بد من الوصول إليه ؛ لأن تلك الأشياء إنما تراد لإيمان العباد بها ولأخذهم لها ، ولعلمهم بها ، ومن ذلك قول الله - عز وجل - : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون .
[ ص: 68 ] فكان ذلك على أنه لو جعلت تلك الأشياء هناك ، وكانت في أنفسها إنما أريدت لما قد ذكرنا جعل الله عز وجل لمن أرادها سببا إلى الوصول إليها بلطيف حكمته ، وكان الذي ذكرهم من أبناء فارس أشدهم طلبا لها ومسارعة إليها وتمسكا بها ، والله عز وجل نسأله التوفيق .


