4747 - حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا أحمد بن بكار الحراني ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن محمد بن أسامة بن زيد ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما أنت يا علي فختني وأبو ولدي ، وأنت مني وأنا منك .
[ ص: 188 ] فكان في هذا الحديث ، ما قد عقلنا به أن زوج ابنة الرجل ختن له .
وقد روي عن عبد الله بن مسعود مما يدخل في هذا الباب .
ما قد حدثنا محمد بن خزيمة ، حدثنا الحجاج بن منهال ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة [ ص: 189 ] النحل 72 ، قال : الحفدة : الأختان .
وما قد حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا الفريابي ، حدثنا سفيان الثوري ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله مثله .
[ ص: 190 ] وكان ذلك عندنا والله أعلم : أن الله تعالى جعل لعباده بنين وهم الذكران ، وبنات يزوجونهن ممن يكون من حفدتهم ، أي : من أعوانهم ، وممن يدخل في جملتهم .
وقد روي عن ابن عباس في ذلك .
ما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا أبو داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في قوله بنين وحفدة ، قال : هم الولد .
قال أبو جعفر : فلم يكن هذا عندنا مخالفا لما رويناه ، عن ابن مسعود ، لأن الذي في هذا : أنهم الولد الذين يكون منهم البنات اللاتي يكن سببا للأختان المذكورين في حديث ابن مسعود .
وقد روي عن من بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك .
[ ص: 191 ] ما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا وهب ، عن شعبة ، عن عاصم ، عن زر ، قال : سألني عبد الله بن مسعود عن الحفدة ، قلت : هم الأعوان .
وما قد حدثنا إبراهيم ، حدثنا عارم ، حدثنا معتمر ، عن أبيه ، قال : قال الحسن : الحفدة : الخدم ، وقال أهل المدينة : أزواج البنات .
[ ص: 192 ] وما قد حدثنا محمد بن جعفر بن أعين ، حدثنا عاصم بن علي ، قال : حدثنا أبو هلال ، عن الحسن في قول الله عز وجل : وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ، قال : البنون : بنوك وبنو ابنك ، والحفدة : ما حفد لك وعمل لك وأعانك .
قال أبو جعفر : وهذا عندنا لا اختلاف فيه لما قد ذكرنا قبله من قول من قال : إنهم أزواج البنات ، لأنه قد يجوز أن يكونوا إذا صاروا أزواجا لبناتهم أن يصيروا لهم أعوانا وخدما .
وقد كان محمد بن الحسن قال في كتابه في " الزيادات " الذي ناولناه الحجاج بن عمران وأخبرنا [ ص: 193 ] أنه أخذه من صفوان بن المغلس ، عن أبي سليمان الجوزجاني ، عن محمد بن الحسن أنه قال : أختان الرجل أزواج بناته وأخواته وعماته وخالاته وكل ذات رحم محرم منه ، وأصهاره : كل ذي رحم محرم من زوجته ، ولم يحك في ذلك خلافا بينه وبين أحد من أصحابه .
وذكر ابن السكيت في كتابه في " إصلاح المنطق " قال : سألت [ ص: 194 ] الأصمعي : من الأختان ؟ فقال : كل شيء من قبل المرأة فهم الأختان ، مثل أم المرأة وأختها وعمتها ، والأصهار تجمع هذا كله ، يقال : صاهر فلان إلى بني فلان وأصهر إليهم ، قال : وخالفه ابن الأعرابي في الأصهار ، فقال : الصهر : زوج ابنة الرجل وأخوه وأبوه وعمه ، والأختان : أبو المرأة وأخوها وعمها .
قال أبو جعفر : فتأملنا ما قد قيل في هذين المعنيين فوجدنا ما قاله محمد بن الحسن في تخصيصه ذوي الأرحام المحرمة في المعنيين اللذين ذكرا في هذا الباب دون من سواهم ، ممن هو في القرابة مثلهم ، من غير أن يكون أرحامهم محرمة ، فوجدنا ذلك من قوله لا معنى له ، إذ كان فيما قد روي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل اللغة والفصاحة ما قد دفع ذلك ، وهو ما قد روي عنهم مما قالوه عند تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار .
4748 - كما قد حدثنا الربيع المرادي ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في سهم لثابت بن قيس بن شماس ، أو لابن عم له ، فكاتبت على نفسها ، وكانت امرأة حلوة مليحة لا يكاد يراها أحد إلا أخذت بنفسه ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم لتستعينه في مكاتبتها ، فوالله ما هو إلا أن رأيتها على باب الحجرة فكرهتها ، وعرفت أنه سيرى منها مثل الذي رأيت ، فقالت : يا رسول [ ص: 195 ] الله ، أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه ، وقد أصابني من الأمر ما لم يخف ، فوقعت في سهم لثابت بن قيس بن شماس ، أو لابن عم له ، فكاتبني فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستعينه على كتابتي ، قال : فهل لك في خير من ذلك ؟ قالت : وما هو يا رسول الله ؟ قال : أقضي عنك كتابتك وأتزوج بك ، قالت : نعم ، قال : قد فعلت ، وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج جويرية بنت الحارث ، فقالوا : صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلوا ما في أيديهم ، قالت : فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق ، فلا نعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها .
ففي هذا الحديث ، أن الناس قالوا لما بلغهم تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية لقومها أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعلوهم بذلك أصهارا [ ص: 196 ] له ، وفيهم من ليس بذي رحم منها ، فدل ذلك : أن أصهار الرجل قوم نسائه اللائي هن أزواجه ممن أرحامهم التي بينهم وبين أزواجه محرمات ، أو غير محرمات ، وكان هذا مثل ما قاله محمد بن الحسن في قرابة الرجل وفي أنسبائه : إنهم على كل ذي رحم محرم من الرجال والنساء على بني الأب ، الذي ينتمون إليه من قبل الرجال أقصى أب في الإسلام ، ومن قبل النساء أقصى أب في الإسلام ، كانوا ذوي رحم محرم ، أو لم يكونوا ، ولا يلتفت إلى من كان من الآباء في الجاهلية ، وهذا قول قد قاله أبو يوسف أيضا ، كما حدثنا الكيساني ، عن أبيه ، عن أبي يوسف في إملائه عليهم فكان مثل ذلك عندنا في أصهاره أن يمتثل فيه هذا المعنى أيضا ، وقد روي في حديث الفضل بن العباس وربيعة بن الحارث قولهما لعلي - رضي الله عنه - : لقد كنت نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعنون تزويجه ابنته - فما نفسناه عليك .
4749 - كما قد حدثنا ابن أبي داود ، حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ، حدثنا جويرية بن أسماء ، عن مالك بن أنس ، عن الزهري أن عبد الله بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب حدثه أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث حدثه ، قال : اجتمع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب قالا : لو بعثنا هذين [ ص: 197 ] الغلامين لي وللفضل بن العباس على الصدقة ، فأديا ما يؤدي الناس ، وأصابا ما يصيب الناس ، فبينما هما في ذلك إذ جاء علي - رضي الله عنه - فوقف عليهما فذكرا له ذلك ، فقال علي : لا تفعلا ذلك ، فوالله ما هو بفاعل ، فقال ربيعة بن الحارث : ما يمنعك هذا إلا نفاستك علينا ، فوالله لقد نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فما نفسناه عليك ، قال علي : أنا أبو حسن ، أرسلاهما فانطلقا واضطجع ، ثم ذكر بقية الحديث .
فكان في هذا الحديث ، قول ربيعة بن الحارث لعلي : لقد نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فما نفسناه عليك .
فقال قائل : ففي هذا ما قد دل أن عليا كان صهرا لرسول الله [ ص: 198 ] صلى الله عليه وسلم بتزوجه ابنته .
فكان جوابنا له في ذلك : أنه ليس في هذا الحديث مما يوجب ذلك ، لأن معنى قول ربيعة لعلي : لقد نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي : نلت أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صهرا لك بتزويجك ابنته ، كما يقال للرجل : نلت معروف فلان ، على معنى : أنك نلت المعروف الذي كان من قبل فلان ، لا أن الذي نال المعروف كان المعروف من قبله ، وإنما كان من قبل غيره إليه .
ومثل ذلك أيضا ما روي من قول عثمان بن عفان - رضي الله عنه - في نفسه .
4750 - كما حدثنا أبو أمية ، حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي ، حدثنا إسحاق بن يحيى ، يعني : العوصي ، حدثنا الزهري ، حدثنا عروة بن الزبير أن عبيد الله بن عدي بن الخيار حدثه ، قال : قال لي عثمان بن عفان - رضي الله عنه - : بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق ، فكنت ممن استجاب لله ولرسوله وآمن بما بعث به ، ثم هاجرت الهجرتين ونلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوالله ما عصيته ، ولا غششته ، حتى توفاه الله عز وجل .
[ ص: 199 ] فمعنى ذلك كمعنى ما ذكرناه في مثله في علي بن أبي طالب - رضي الله عنه .
ولما ثبت في الأصهار ما ذكرنا ، وأنهم أنسباء أزواج البنات كانت أنسباء أرحامهم بأزواجهم محرمات أو غير محرمات ، كان مثل ذلك الأختان الذين هم أزواج البنات وأزواج الأخوات وأزواج العمات وأزواج الخالات يكون أنسباؤهم الذين هم من أزواج هؤلاء ، كأنسباء الزوجات ، فيما ذكرنا الذين صاروا بذلك أصهارا للأزواج ، يستوي في ذلك من كانت رحمه من أزواج هؤلاء النساء محرمات أو غير محرمات ، وقد أجاز لنا علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد في كتابه في " الأنساب " أنه ذكر عاصم بن عبد الله بن يزيد ، وهو رجل من بني هلال ، قال : كان قد ولي لأبي جعفر خراسان ، وأنه ذكر ذلك من كلام أبي عبيد لإبراهيم بن محمد العباسي ، فأنشده لعاصم هذا ، قال : [ ص: 200 ]
فلو كنت صهرا لابن مروان قربت ركابي إلى المعروف والعطن الرحب ولكنني صهر النبي محمد
وخال بني العباس والخال كالأب
قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث ، ما قد دل أن أنسباء المرأة أصهار لزوجها ، كانت أرحامهم منها محرمات ، أو كانت أرحامهم منها غير محرمات ، وقد روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - ما يدخل في هذا المعنى .
ما قد حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا الفريابي ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن عمير ، قال الشيخ وهو أحد موالي العباس ، عن ابن عباس ، قال : قال : حرم من النسب سبع ، ومن الصهر سبع ، ثم قرأ : حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم إلى قوله : وبنات الأخت هذا من النسب ، وباقي الآية من الصهر والسابعة ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف .
[ ص: 201 ] ففي هذا الحديث ، أن الله تعالى حرم من الصهر سبعا ، أي : حرم على الرجل أن يتزوج من يكون له بتزويجه إياه أصهارا سواه من أنسبائه ، وفي ذلك ما قد دل على ما ذكرنا ، والله نسأله التوفيق .


