[ ص: 86 ] 422 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ماء الرجل وماء المرأة ، وفي عمل كل واحد منهما في الولد الذي يخلق منهما .
2659 - حدثنا محمد بن عبدة بن عبد الله بن زيد المروزي أبو بكر ، قال : حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع ، قال : حدثنا معاوية بن سلام ، عن أخيه زيد ، أنه سمع أبا سلام يقول : حدثني أبو أسماء الرحبي أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه : أن حبرا من أحبار اليهود قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أسألك عن الولد ، فقال : ماء الرجل أبيض ، وماء المرأة أصفر ، فإذا اجتمعا ، فعلا مني الرجل مني المرأة أذكرا بإذن الله عز وجل ، وإذا علا مني المرأة مني الرجل آنثا بإذن الله ، فقال اليهودي : لقد صدقت ، وإنك لنبي ، ثم انصرف فذهب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد سألني عن الذي سألني ، وما لي علم بشيء منه حتى أتاني الله عز وجل به .
[ ص: 87 ] قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث أن ماء الرجل إذا علا أذكرا بإذن الله عز وجل ، وأن ماء المرأة إذا علا آنثا بإذن الله .
فقال قائل : فقد رويتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ماء أحدهما إذا علا ماء الآخر فعل غير هذا المعنى .
2660 - فذكر ما قد حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن مصعب بن شيبة ، عن مسافع بن عبد الله الحجبي ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة أن امرأة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم هل تغتسل المرأة إذا احتلمت وأبصرت الماء ؟ فقال : نعم ، فقالت لها عائشة : تربت يداك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : دعيها وهل يكون الشبه إلا من ذلك ؟ إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أخواله ، وإذا علا ماء الرجل ماءها أشبهه .
[ ص: 88 ]
2661 - وما قد حدثنا محمد بن عمر بن يونس ، قال : حدثنا أبو معاوية الضرير ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن زينب ، عن أم سلمة قالت : جاءت أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، إن الله لا يستحيي من الحق ، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا رأت الماء ، وغطت أم سلمة وجهها ، وقالت : يا رسول الله ، أوتحتلم المرأة ؟ فقال : تربت يداك ، بم يشبهها ولدها ؟ .
2662 - وما قد حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : أنبأنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني ابن أبي ذئب ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة ، عن أم سلمة أن أم سليم امرأة أبي طلحة قالت : يا رسول الله ، هل على المرأة ترى زوجها في المنام يقع عليها غسل ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، إذا رأت بللا ، فقالت أم سلمة : يا رسول الله ، وتفعل ذلك المرأة ؟ فقال : ترب جبينك ، فأنى يكون شبه الخؤولة إلا من ذلك ؟ أي النطفتين سبقت إلى الرحم غلبت على الشبه .
[ ص: 89 ] قال : ففي هذا الحديث أنه إذا علا ماء أحدهما ماء الآخر كان الشبه له ، وهذا خلاف الإذكار والإيناث .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أن هذا الذي ذكره غير مخالف لما ذكرناه في الفصل الأول من هذا الباب ؛ لأن الذي في الفصل الأول الذي ذكرناه في أول هذا الباب من الإذكار والإيناث هو بالعلو من أحد الماءين للآخر في الرحم ، والذي في الفصل الثاني هو بالسبق في أحد الماءين الماء الآخر ، ويكون الشبه له والخلق ، فلا يكون منه خاصة إنما يكون منه ومن الماء الآخر ، فإذا كان الماء الآخر كان الشبه له ، وقد تقدمه قبل ذلك تقدير الله عز وجل ما قدر فيه من التذكير والتأنيث ، فكان كل واحد من هذين المعنيين غير المعنى الآخر في أحدهما في سبب التذكير والتأنيث ، وفي الآخر منهما سبب الشبه ، والله نسأله التوفيق .
[ ص: 90 ] [ ص: 91 ] فإن قال قائل : فإن في حديث عائشة الذي قد رويته في هذا الفصل : إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أخواله ، وإذا علا ماء الرجل ماءها أشبهه ، قيل له هكذا في هذا الحديث ، وأصحاب الحديث ليس حديث مصعب بن شيبة عندهم بالقوي ، ولكن الذي في حديث المقبري : أي النطفتين سبقت إلى الرحم غلبت إلى الشبه هو الصحيح عندهم ، والله عز وجل نسأله التوفيق .


