2390 - حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني قال : حدثنا الشافعي قال : وأنبأنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث ، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخذ على النساء : أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ، ولا يعضه بعضكم بعضا ، ولا تعصوني في معروف أمرتكم به ، فمن أصاب منكم منهن واحدة ، فعجلت عقوبته ، فهو كفارته ، ومن أخرت عقوبته فأمره إلى الله عز وجل إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له .
فتأملنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : ولا يعضه بعضكم [ ص: 169 ] بعضا لنقف على المراد به إن شاء الله .
فوجدنا المزني قد حدثنا قال : قال الشافعي رحمه الله : من كذب على أخيه فقد عضهه .
ووجدنا أبا قرة محمد بن حميد قد حدثنا قال : سمعت سعيد بن كثير بن عفير يقول : العاضهة : الساحرة ، قال : وأنشدنا في ذلك :
أعوذ بربي من العاضها ت في عقد المعضه العاضه
فكان فيما ذكرنا عن المزني ، عن الشافعي أن المراد به الكذب وكان فيما ذكرناه ، عن أبي قرة ، عن ابن عفير أن المراد به هو السحر ، ثم وجدنا في ذلك ما هو أعلى من هذين القولين .2391 - وهو ما قد حدثنا يزيد بن سنان قال : حدثنا بشر بن عمر الزهراني وأبو داود الطيالسي ، واللفظ لبشر قالا : حدثنا شعبة قال : حدثنا أبو إسحاق يعني : السبيعي ، عن أبي الأحوص قال : قال عبد الله يعني : ابن مسعود رضي الله عنه : إن محمدا صلى الله عليه وسلم قال : ألا أنبئكم ما العضه ؟ قال : هي النميمة القالة بين الناس .
[ ص: 170 ]
2392 - ووجدنا أبا أمية قد حدثنا قال : حدثنا سليمان بن عبيد الله الرقي قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أنبئكم بالعضه العضه : هي النميمة الفارقة بين الناس .
ووجدنا يزيد قد حدثنا قال : حدثنا حبان بن هلال قال : حدثنا عبد العزيز بن مسلم القسملي قال : حدثنا إبراهيم الهجري ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله قال : كنا نقول في الجاهلية : إن العضه هو السحر وإن العضه فيكم اليوم القالة قيل : وقال : حسب الرجل من الكذب أن يحدث بكل ما سمع .
2393 - ووجدنا يونس بن عبد الأعلى قال : أنبأنا عبد الله بن [ ص: 171 ] وهب قال : أخبرني عبد الله بن لهيعة وعمرو بن الحارث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سنان بن سعد ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتدرون ما العضه ؟ قالوا : الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم أعلم قال : هو نقل الحديث من بعض الناس إلى بعض ليفسدوا بينهم .
ووجدنا علي بن عبد العزيز قد أجاز لنا ما ذكر لنا أنه سمعه من أبي عبيد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : ألا أنبئكم ما العضه ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : هي النميمة . قال أبو عبيد : وكذلك هي عندنا قال الشاعر :
أعوذ بربي من النافثات في عقد العاضه المعضه
فوقفنا بذلك على أن رد ما أريد في حديث عبادة هو إلى ما قد ذكرناه في هذه الروايات .
[ ص: 172 ] وأما أهل العربية سوى من ذكرناه منهم في هذه الروايات منهم الخليل بن أحمد ، فكانوا يقولون : عضهت فلانا عضها والعضة : الإفك والبهتان وقول الزور قال : ويقال : رماه بالعضيهة أي : بالزور والعضاه شجر الشوك .
فكان ما في هذه الأحاديث التي رويناها في هذا الباب على هذا المذهب أعني من حديث عبد الله ، ومن حديث أنس إنما هو العضه لا العضة ، والعضة : هو القطع . والله أعلم بحقيقة الأمر في ذلك والله نسأله التوفيق .


