[ ص: 23 ] 416 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرور بين يدي المصلي في البيت الحرام وفي الغيبة عنه .
2607 - حدثنا يونس ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن كثير بن كثير ، عن بعض أهله سمع المطلب يقول : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي مما يلي باب بني سهم ، والناس يمرون بين يديه ليس بينه وبين القبلة شيء .
2608 - حدثنا أحمد بن داود بن موسى ، قال : حدثنا إبراهيم بن بشار ، قال : حدثنا سفيان قال : سمعت ابن جريج يحدث ، عن كثير بن كثير ، عن أبيه ، عن جده المطلب بن أبي وداعة ، فذكر مثله غير أنه قال : ليس بينه وبين الطواف سترة .
قال سفيان : فحدثنا كثير بن كثير بعدما سمعته من ابن جريج [ ص: 24 ] قال : أخبرني بعض أهلي ، ولم أسمعه من أبي .
[ ص: 25 ]
2609 - وحدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : أنبأنا هشام قال : أنبأنا ابن عم المطلب بن أبي وداعة ، عن كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث إطلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم للطائفين بالبيت المرور بين يديه وهو يصلي ، [ ص: 26 ] فقال قائل : فكيف تقبلون هذا ، وأنتم تروون عنه صلى الله عليه وسلم ؟
2610 - فذكر ما قد حدثنا يونس ، قال : أنبأنا عبد الله بن وهب أن مالكا حدثه ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه ، وليدرأه ما استطاع ، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان .
2611 - وما قد حدثنا يونس ، قال : أنبأنا ابن وهب أن مالكا حدثه ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مثله .
2612 - وما قد حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا أبو ظفر ، قال : حدثنا سليمان بن المغيرة ، عن حميد بن هلال ، عن أبي صالح ، عن [ ص: 27 ] أبي سعيد رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
2613 - وما قد حدثنا يونس ، قال : حدثنا سفيان ، عن صفوان بن سليم ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن سهل بن أبي حثمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته .
2614 - وما قد حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال : حدثنا خالد بن أبي يزيد ، قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ( ح ) وما قد حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا حجاج بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، ثم اجتمعا ، فقالا : عن عيسى بن موسى بن لبيد بن إياس ، قال يوسف في حديثه : ابن البكير ، ثم [ ص: 28 ] اجتمعا ، فقالا : عن صفوان بن سليم ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن سهل بن سعد الساعدي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
قال هذا القائل : ففي هذا منعه صلى الله عليه وسلم من المرور بين يدي المصلي ومن إطلاق المصلي لغيره المرور بين يديه ، وهذا ضد ما رويتموه عن المطلب عنه صلى الله عليه وسلم .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن هذا مما لا تضاد فيه لأن ما رويناه عن المطلب مما ذكر على حكم الصلاة إلى الكعبة بمعاينتها ، والآثار الأخر على الصلاة بتحري الكعبة وبالغيبة عنها ، وقد وجدنا الصلاة إلى الكعبة بالمعاينة لها يصلي الناس من جوانبها ، فيستقبل بعضهم وجوه بعض ، فيكون ذلك طلقا لهم غير مكروه ، ورأينا الصلاة بخلاف ذلك المكان مما لا معاينة فيه للكعبة بخلاف ذلك في كراهة استقبال وجوه الرجال بعضهم بعضا ، وفي الزجر عن ذلك ، والمنع منه .
فعقلنا بذلك أن الكعبة مخصوصة بهذا الحكم في الصلاة إليها ، وفي الإطلاق للناس استقبال وجوه المصلين معهم إليها ، والاستقبال [ ص: 29 ] لحدودهم في صلاتهم إليها ، وإن كان ذلك كذلك في صلاتهم إليها اتسع لهم بذلك مرورهم بين أيديهم في صلاتهم إليها ، واستقبالهم إياهم في ذلك بوجوههم وبحدودهم ، وعقلنا أن الصلاة في الغيبة عنها بخلاف ذلك ، وأنه لما كان استقبال الناس بعضهم بعضا بوجوههم وبحدودهم فيها ممنوعا منه ضاق عليهم مرورهم بهم فيها ، وضاق على المصلين إطلاق ذلك لهم فيها .
فبان بحمد الله ونعمته أن لا تضاد في شيء مما ذكرناه في هذا الباب ، وأن كل واحد من المعنيين اللذين ذكرناهما فيه بائن بحكمه من المعنى الآخر منهما ، والله نسأله التوفيق .


