[ ص: 166 ] 743 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يدل على المسجد الذي أسس على التقوى ، أي المساجد هو ؟
4733 - حدثنا يونس ، أخبرني أنس بن عياض ، عن أنيس بن أبي يحيى مولى الأسلميين ، قال : سمعت أبي يحدث ، عن أبي سعيد الخدري أن رجلا من بني خدرة ، ورجلا من بني عمرو بن عوف امتريا في المسجد الذي أسس على التقوى ، فقال العوفي : هو مسجدنا بقباء ، وقال الخدري : هو هذا المسجد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرجا فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه عن ذلك ، فقال : هو هذا المسجد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي ذلك خير كثير .
[ ص: 167 ]
4734 - وحدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرنا سحبل بن محمد بن أبي يحيى ، قال : سمعت عمي أنيس بن أبي يحيى يحدث ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المسجد الذي أسس على التقوى هو هذا ، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده .
وحدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا أبو عامر العقدي ، حدثنا سحبل ، عن أنيس بن أبي يحيى ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري ، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : المسجد الذي أسس على التقوى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم .
4735 - وحدثنا أحمد بن داود بن موسى ، حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن حميد الخراط ، قال : سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول : [ ص: 168 ] مر بي عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ، فقلت له : كيف سمعت أباك يذكر في المسجد الذي أسس على التقوى ، فقال : قال أبي : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت بعض نسائه ، فقلت : يا رسول الله ، أين المسجد الذي أسس على التقوى ؟ فأخذ كفا من حصى ، فضرب به الأرض ، فقال : هو مسجدكم هذا ، مسجد المدينة ، قال : فقلت : شهدت أباك يذكر هذا .
4736 - حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، حدثني الليث وحدثنا بحر بن نصر ، قال : قرئ على شعيب بن الليث : أخبرك أبوك وحدثنا [ ص: 169 ] محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : أخبرنا أبي وشعيب بن الليث ، عن الليث ، ثم اجتمعوا فقالوا جميعا ، عن عمران بن أبي أنس ، عن سعيد بن أبي سعيد الخدري ، عن أبي سعيد الخدري أنه قال : تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى ، فقال رجل : هو مسجد قباء ، وقال الآخر : هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو مسجدي هذا .
4737 - وحدثنا فهد بن سليمان ، حدثنا الحسن بن الربيع ، حدثنا [ ص: 170 ] عبد الله بن إدريس ، عن ربيعة بن عثمان ، عن عمران بن أبي أنس ، عن سهل بن سعد ، قال : تمارى رجلان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الذي أسس على التقوى ، أحدهما من أهل العالية ، والآخر من أهل المدينة ، فقال أحدهما : هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال الآخر : هو مسجد قباء ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : هو مسجدي هذا .
[ ص: 171 ] قال أبو جعفر : فكانت هذه الآثار صحيحة الأسانيد ، مقبولة الرواة ، كلها تخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير حديث ابن مرزوق الذي لم يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد زعم قوم : أنه مسجد سعد بن خيثمة ، يعني : مسجد قباء ، وذكروه عن عروة بن الزبير .
كما حدثنا أحمد بن داود ، حدثنا هدبة بن خالد ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن عروة ، قال : مسجد قباء هو المسجد الذي أسس على التقوى .
قالوا : ومما يؤكد ذلك بنيان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إياه بأيديهم ، وذكروا في ذلك .
4738 - ما قد حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، أخبرني يحيى بن أيوب ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه [ ص: 172 ] عن عائشة ، قالت : أول من حمل حجرا لقبلة مسجد قباء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم حمل أبو بكر حجرا آخر ، ثم حمل عمر آخر ، ثم حمل عثمان آخر ، فقلت : يا رسول الله ، ألا ترى هؤلاء يتبعونك ؟ فقال : أما إنهم أمراء الخلافة بعدي .
[ ص: 173 ] وذكروا مع ذلك مما يحتجون به لقولهم هذا حديثا منقطعا وهو .
4739 - ما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا عارم ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب [ ص: 174 ] عن سعيد بن جبير ، قال : ذكر أن بني عمرو بن عوف ابتنوا مسجدا ، فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم ، فيصلي في مسجدهم ، فلما أن رأى ذلك إخوتهم بنو غنم بن عوف حسدوهم ، فقالوا : نبني نحن أيضا مسجدا كما ابتنى إخواننا ، ونرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولعل أبا عامر أن يمر بنا ، فيصلي فيه ، فبنوا مسجدا وأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم فيصلي في مسجدهم كما صلى في مسجد إخوتهم ، فلما جاءه الرسول قام ليأتيهم ، أو هم أن يأتيهم ، فأنزل الله تعالى : والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين إلى قوله : لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم .
وشدوا ذلك بحديث متصل وهو .
4740 - ما قد حدثنا إسماعيل بن إسحاق بن سهل الكوفي ، حدثنا [ ص: 175 ] هشام بن عمار ، حدثنا صدقة ، حدثنا عتبة بن أبي حكيم ، حدثني طلحة بن نافع ، حدثني أبو أيوب الأنصاري ، وجابر بن عبد الله ، وأنس بن مالك أن هذه الآية لما أنزلت : فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : يا معشر الأنصار ، إن الله قد أثنى عليكم خيرا في الطهور ، فما طهوركم هذا ؟ قالوا : نتوضأ للصلاة ، ونغتسل من الجنابة ، ونستنجي بالماء ، قال : هو ذاك ، فعليكم به .
[ ص: 176 ] قالوا : فدل ذلك على أن المسجد الذي نزلت فيه هذه الآية هو خلاف مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو مسجد قباء ، لأن في الآية : فيه رجال يحبون أن يتطهروا وهم الأنصار دون من سواهم .
[ ص: 177 ] وكان من حجتنا على قائل ذلك القول : أن أولئك الرجال كانوا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن مسجده كان معمورا بالمهاجرين والأنصار ومن سواهم من صحبه ، فلم يكن في هذا الحديث ما يدل على خلاف الأحاديث الأول ، وكان حديث إبراهيم ، عن عارم حديثا منقطعا ، لا يقاوم مثله الأحاديث المتصلة ، التي رويناها في صدر هذا الباب ، فثبت بذلك : أن المسجد الذي أسس على التقوى هو المسجد المذكور فيها ، وهو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم الذي بمدينته ، لا ما سواه من المساجد ، والله نسأله التوفيق .


