[ ص: 62 ] 801 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله : " لا يحل للواهب أن يرجع في هبته ، إلا الوالد لولده"
5062 - حدثنا أحمد بن الحسن الكوفي ، قال : حدثنا أسباط بن محمد ، قال : حدثنا حسين المعلم ، عن عمرو بن شعيب ، عن طاوس ، عن ابن عمر وابن عباس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يحل لرجل أن يرجع في هبته إلا الوالد لولده .
5063 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا أبو كامل فضيل بن الحسين الجحدري ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا حسين المعلم ، قال : حدثنا عمرو بن شعيب ، عن طاوس ، عن ابن عمر وابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يحل لرجل يعطي عطية ، أو يهب هبة فيرتجع ، إلا الوالد فيما يعطي ولده " . قال : " ومثل الذي يعطي عطية ، ثم يرجع فيها ، كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء ، وعاد في قيئه .
[ ص: 63 ]
5064 - حدثنا أحمد بن أبي عمران ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، عن حسين المعلم ، عن عمرو بن شعيب ، عن طاوس ، عن ابن عمر وابن عباس ، قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يحل لواهب أن يرجع في هبته ، إلا الوالد لولده .
5065 - حدثنا الحسن بن غليب بن سعيد الأزدي ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، قال : حدثنا إسحاق - وهو الأزرق - عن حسين المعلم ، عن عمرو بن شعيب ، عن طاوس ، عن ابن عباس وابن عمر ، قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : لا يحل لرجل أن يعطي عطية فيرجع فيها ، إلا الوالد فيما يعطي ولده ، ومثل الذي يعطي العطية فيرجع فيها ، كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء ، ثم عاد في قيئه .
[ ص: 64 ]
5066 - أخبرنا أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن حسين ، عن عمرو بن شعيب ، قال : حدثني طاوس ، عن ابن عمر وابن عباس يرفعان الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يحل لرجل يعطي عطية - يعني ، ثم ذكر بقية الحديث .
قال أبو جعفر : فنظرنا في هذا الحديث ، هل رواه عن حسين المعلم غير من ذكر بخلاف ما رواه عليه عنه من ذكرنا ؟
5067 - فوجدنا أحمد بن شعيب قد حدثنا ، قال : أخبرنا إسماعيل بن مسعود ، قال : حدثنا خالد - يعني ابن الحارث - عن حسين ، عن عمرو بن شعيب ، عن طاوس ، عن ابن عمر وابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسبه قال: لا يحل - يشك حسين من الحديث في " يحل " - أن يعطي عطية ثم يرجع فيها ، إلا الوالد فيما يعطي ولده ، ومثل الذي يعطي عطية ، ثم يرجع فيها [ ص: 65 ] ، كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء ، ثم عاد في قيئه .
قال أبو جعفر : وكان فيما رواه خالد ، عن حسين ، شك حسين في الذي في حديثه هذا مما أضيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من : " لا يحل لأحد أن يعطي عطية " من غير شك منه ، فيما بقي من الحديث ، فعاد حديثه هذا إلى أن الذي لا يشك فيه منه أنه : لا يرجع أحد في عطيته ، إلا الوالد فيما يعطي ولده .
وكذلك وجدناه من رواية غيره ، عن عمرو بن شعيب ، وإن كان قد خالفه في إسناده .
5068 - كما حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا أحمد بن حفص بن عبد الله ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني إبراهيم - وهو ابن طهمان - عن سعيد بن أبي عروبة ، عن عامر الأحول ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : لا يرجع أحد في هبة ، إلا والد من ولده ، والعائد في هبته كالعائد في قيئه .
[ ص: 66 ] ثم نظرنا : هل رواه عن طاوس غير من ذكرنا . ؟
5069 - فوجدنا أحمد بن شعيب قد حدثنا ، قال : أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم ، قال : حدثنا حبان ، قال : حدثنا عبد الله - يعني ابن المبارك - عن إبراهيم بن نافع - يعني المخزومي - عن الحسن بن مسلم ، عن طاوس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : لا يحل لأحد أن يهب هبة ، ثم يرجع فيها ، إلا والد من ولده " . قال طاوس : كنت أسمع وأنا صغير " عائد في قيئه " ، فلم أكن أظن أنه ضرب له مثلا ، قال : " فمن فعل ذلك ، فمثله كمثل الكلب يأكل ، ثم يقيء ، ثم يعود في قيئه .
[ ص: 67 ] قال أبو جعفر : فعاد هذا الحديث من رواية الحسن بن مسلم ، عن طاوس موقوفا عليه بذكره إياه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - منقطعا ، والحسن بن مسلم ، فغير مجهول المقدار في صحة الرواية .
ثم نظرنا في متن هذا الحديث ، فوجدنا معنى : " لا يحل " لو كان ثابتا في الحديث غير مشكوك فيه ، لا يوجب منعا للواهب ولا للمعطي من الرجوع في هبته ، ولا في عطيته لغير ولده ، إذ كان قد يحتمل أن يكون ذلك على معنى : لا يحل لرجل أن يقذر نفسه بأن يجعلها برجوعه في هبته ، وفي عطيته ، كالكلب يقيء ، ثم يأكل فيه ، كما نهى - صلى الله عليه وسلم - عن كسب الحجام ، وأخبر أنه من السحت ، على النهي منه لأحد من أمته أن يدني نفسه ، لا على أن ذلك حرام ، وقد ذكرنا ذلك بأسانيده فيما تقدم منا في كتابنا هذا ، فمثل ذلك ما كان منه - صلى الله عليه وسلم - من قوله : " لا يحل لأحد أن يرجع في هبته أو في عطيته ، إلا الوالد لولده " على هذا المعنى ، وكان استثناؤه الوالد في ذلك فيما وهب وفيما أعطى ولده ، على أنه في مال ولده بخلافه في مال غيره ، إذ كان قد قال لمن ذكر له أن أباه يريد أن يحتاج ماله ، " أنت ومالك لأبيك " .
وقد ذكرنا ذلك بأسانيده فيما تقدم منا في كتابنا هذا ، فجعل دخوله في مال ولده ، وإن كان من هذه الجهة ، بخلاف دخوله بها في مال غيره ، وقد يحتمل أن يكون ما أباحه من ذلك من مال ولده على [ ص: 68 ] الأحوال التي يجب له بها الدخول في مال ولده ، فلا يكون لولده أن يمنعه من ذلك ومن بسط يده فيه عندها ، مع أنا قد تأملنا هذا الحديث ، فوجدناه مضافا إلى ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد روينا عن ابن عمر ، عن عمر - رضي الله عنه - فيما تقدم منا في كتابنا هذا مما حدث به عنه سماعا له منه ، أنه قال فيمن وهب هبة : أنه أحق بها حتى يثاب منها بما يرضى .
فاستحال أن يكون ابن عمر مع علمه وجلالة مقداره سمع من عمر شيئا قد سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه ، فيترك أن يقول له : إني قد سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في هذا خلاف الذي قلته فيه ، واستحال أيضا أن يكون بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر شيئا عن عمر - رضي الله عنه - يقول منه فيه ليستعمله الناس ، وعنده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه ما يخالف ذلك الحكم ، فعاد معنى حديث طاوس هذا إلى ما رواه الحسن بن مسلم عليه مما ذكرنا بانتفائه عن ابن عمر إلى الانقطاع الذي لا يحتج بمثله معه ، والله - عز وجل - نسأله التوفيق .


